13 سبتمبر 2025

تسجيل

شكراً قطر أبدعتم... وأتعبتم من يستضيف كأس العالم بعدكم

18 ديسمبر 2022

عند قرأة هذا المقال- تكون كأس العالم وصلت إلى يومها ومحطتها الأخيرة بانتظار مباراة القمة الليلة بين منتخبي فرنسا بطل العالم والمدافع عن لقبه والأرجنتين المنافس الشرس - في يوم قطر الوطني. وتكون كأس العالم التاريخية اسدلت ستارتها تاركة الكثير للقراءة والتحليل والتعليق والمقارنة لأنجح نسخة كأس العالم منذ انطلاقها عام 1930 في 22 نسخة. حسب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم إنفانتينو، واعتراف الرئيس الفرنسي ماكرون من استاد البيت في مباراة المغرب وفرنسا، أن قطر نظمت كأس عالم بشكل رائع وممتاز. لم يكن لعدة ظواهر مهمة ومعبرة لتتكشف لو لم تستضف قطر كأس العالم كما أوضحت في مقالي السابق في الشرق، لو كانت دولة أوروبية أو أمريكا لاتينية استضافت كأس العالم، لما شهدنا هذا الزخم وشعورنا كعرب بالفخر والنجاح والقدرة على الإنجاز وتصحيح الصورة السلبية الراسخة عن الثقافة العربية وربط العرب بالفشل والإرهاب والعجز والاقتتال. أبرز الظواهر- مشاهد التضامن والالتفاف العربي الجماعي بدعم ومناصرة ورفع أعلام المنتخبات العربية في المونديال: قطر- السعودية- تونس والمغرب، ورفع علم فلسطين ورفض مقابلات وسائل الإعلام الإسرائيلية وصحفييها ونبذهم. ما عرى الفجوة بين الحكومات المطبعة والشعوب العربية. وأعاد القضية الفلسطينية للواجهة، بعد تراجعها وترديد البعض "فلسطين ليست قضيتي"! كان نشهد أبلغ رد، تميز ونجاح قطر باستضافة وتنظيم وإدارة أفضل نسخة كأس العالم باعتراف الكثير، وآخرهم إشادة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في مباراة نصف النهائي في ملعب البيت، بتنظيم قطر كأس العالم، بعد فوز منتخب فرنسا على منتخب المغرب. لكنه كسب القلوب وترك بصمة كبيرة في قلوب المغاربة والعرب والأفارقة والمسلمين، بصناعة التاريخ وبلوغه المربع الذهبي. ونسف الصورة النمطية السلبية عن العرب بأننا أمة منقسمة، مهزومة ومختلفة ومتصارعة. لكن أهم انتصار لمنتخب المغرب داخل وخارج الملاعب-كان الالتفاف العربي المبهر والرائع من الخليج إلى المحيط بوقوفنا وتصفيقنا وتشجيعنا لمنتخب المغرب أمام الشاشات. كانت لحظات نادرة بتجلي العرب كالجسد الواحد، وحدت الرياضة العرب، بعكس السياسة التي تقسّمنا تضعفنا! كذلك من الظواهر المبهرة- نجاح مونديال قطر بتسليط الضوء أمام الفلسطينيين والعرب وإسرائيل والعالم على مكانة القضية الفلسطينية برفع علم فلسطين بعد كل انتصار بوجه موجة التطبيع. ما أحرج الدول المطبعة وإسرائيل التي أدركت عمق رفضها شعبياً. وأظهر الهوة بين الأنظمة والشعوب الرافضة للتطبيع ودمج إسرائيل في محيطنا العربي! شاهدت معلقا ألمانيا يقارن تماسك واحتضان أسر أبطال منتخب المغرب أمهاتهم وأطفالهم. وعلق بحسرة، هذا ما تفتقده ولا يمكن مشاهدته في ثقافة المجتمع الغربي المفككة! كما أصرت قطر على رفض رفع شارات المثليين والشواذ وبيع الكحول في الملاعب. كانت صدمة المنتخبات الغربية كبيرة بهزيمة وإحراج منتخبات كبرى فازت أكثر من مرة بكأس العالم. برغم اقصاء منتخب قطر من دور المجموعات، إلا أن قطر نجحت باستضافة البطولة. قلب منتخب السعودية الطاولة وهزم في مباراته الافتتاحية منتخب الأرجنتين بطل العالم مرتين! التي بلغت النهائي، كما هزم منتخب تونس منتخب المستعمر السابق- فرنسا بطل العالم مرتين والمدافع عن لقبه. كما هزم منتخب المغرب بأداء أسطوري تاريخي-منتخبات ثلاثة قوى استعمارية سابقة ( حسب لوس انجلوس تايمز)- منتخبات بلجيكا وصيف كأس العالم في روسيا عام 2018. والبرتغال وأنهى حلم رونالدو الفوز بكأس العالم قبل تقاعده، كما صعق منتخب إسبانيا المرشح للفوز بلقب كأس العالم. وفي هذا السياق أتت مواقف وتعليقات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن مع واشنطن بوست الأسبوع الماضي- سلط الضوء وفند الكثير من الافتراءات التي طالت قطر بشكل متعمد منذ نيل شرف استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010. لم تهدأ الحملات المعادية من حقوق العمالة الوافدة والأجواء الحارة، وحقوق المرأة وصولاً لحقوق المثليين ومنع بيع الكحول خلال المباريات في الملاعب، ما لقي استحسان كثير من الجمهور والمشجعين الغربيين لحده من السكر والشغب والتحرش. ولم يعتقل أي مشجع لعدم وقوع حوادث شغب، كما أعلنت قطر الترحيب بجميع المشجعين لكن عليهم احترام ثقافة تقاليد البلاد. ورداً على سؤال ماذا حققت استضافة قطر كأس العالم؟ علّق الشيخ محمد بن عبدالرحمن هي البداية وقدمنا نسخة تاريخية باستضافة المشجعين من حول العالم وتعرفهم على ثقافتنا، ما سيغير الصورة النمطية السلبية في عقولهم عن منطقتنا. وسرّع استضافة كأس العالم تنفيذ رؤية قطر 2030 التي تم التخطط لها قبل استضافة كأس العالم. وسيعزز ذلك الاستمرار في تحقيق رؤية قطر لتنويع مصادر الدخل وتنشيط قطاع السياحة. وأشار لأجواء ومشاهد التوحد العربي ودعم المنتخبات العربية: "يشعرنا بالفخر، لنجاح قطر الصغيرة بتوحيد العرب. وهذا سحر كرة القدم ولن ترى ذلك يحدث في الغرب. بل شهدناه هنا لأن هناك ما يجمعنا. وهذا شيء رائع لم يسبق أن شاهدناه. وربما لن نشاهده في المستقبل". كما أشار الشيخ محمد بن عبدالرحمن، أن الأزمة الخليجية التي عشناها والمصالحة ومشاركة قادة الدول بحضور فعاليات كأس العالم في قطر يجب أن تكون عاملا يوحدنا. لأننا نؤمن بوحدة مجلس التعاون الخليجي. لكن هذا لا يعني أننا سنتفق على جميع القضايا. ستكون لدينا خلافات في وجهات النظر، لكن علينا البناء على الأهداف المشتركة. ومتفائلون بتصميم قياداتنا على إعادة العلاقات بيننا. وعلينا التغلب على خلافاتنا ووضع أولوياتنا لمواجهة التحديات. خاصة في ظل استقطابات عالمية وتأثير حرب روسيا على أوكرانيا وتفشي جائحة كورونا والأزمات العالمية التي تعصف من حولنا تؤثر فينا بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك علينا العمل جماعياً لمواجهة تلك التحديات." شكراً قطر أبدعتم وأتعبتم من يأتي بعدكم.