13 سبتمبر 2025
تسجيلأصبحت أغلب الأسر في مجتمعاتنا العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة تعتمد اعتماداً كلياً على الخادمات في البيوت وإدارة الشؤون المنزلية حتى تربية الأطفال والتكفل بهم في غياب دور الأمهات الأساسي، إما بسبب انشغال المرأة بعملها أو تهاون منها في أداء دورها وواجبها نحو تربية الأبناء، وظاهرة تولي الخدم تربية الأطفال هي ظاهرة من الظواهر الاجتماعية التي أصبحت مخاطرها تهدد كيان الأسرة وتؤثر سلبيا على تنشئة الجيل المستقبلي لبلداننا، وفي ظل انشغال الوالدين وغيابهما المتكرر عن المنزل فإن للخدم تأثيرا واضحا على تربية الأبناء وعلى المعتقدات الدينية والثقافية التي يجب أن يتربوا عليها، حيث إنهم يكتسبون كثيرا من العادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعاتنا ما يعتبره البعض غزواً ثقافياً لعقول الأطفال. التأثير اللغوي على الأطفال أكدت العديد من الدراسات أن وجود المربية والخادمة في البيت يؤثر سلبياً على النمو اللغوي، حيث يكتسب الطفل من خلالهن مفردات لغوية ركيكة غير متماسكة والتي تتضح في الكثير من المفردات، كما وأثبتت الدراسات أن هناك نسبة من الأطفال يعانون من عيوب في النطق في ظل وجود الخادمة في المنزل كالثأثأة أو الفأفأة أو التهتهة، وقلة استيعابهم التعليمي في اكتساب اللغة السليمة، فيصبح للطفل الناشىء عملية تناقض بين ما قد يسمعه من الأم في طريقة المعاملة والمحادثة وما قد يسمعه من الخادمة التي تتحدث غالباً لغة الخادمة الأصلية مع بعض المفردات المحلية، وبين ما يتلقاه من المدرسة التي يتعلم فيها اللغة الصحيحة، وفي الغالب يكتسب الأطفال مصطلحات ومفاهيم لغوية غير مرغوب فيها؛ نتيجة لكثرة جلوس الأطفال مع الخادمات، وفي كثير من الأحيان تكون هذه المصطلحات غير أخلاقية. التأثير السلوكي والأخلاقي بما أن المربية الأجنبية هي المصدر الأساسي والوحيد تقريباً والذي يكتسب منها الطفل قيمه وتقاليده وعاداته، أثبتت معظم الدراسات أن تأثير الخدم على الإناث من الأطفال لا يقتصر على اللغة فقط، ولكن أيضاً أثبتت أن الطفلة قد تصبح خجولة وقليلة الكلام، وتحب الهدوء، وكثرة النفور من الكبار وخصوصاً الغرباء وقد تؤثر هذه الظاهرة على أسلوبها في المعاملة من حولها من أصدقاء وزملاء وقد تصبح عدوانيةإ إذ يصبح العدوان وسيلتها لإفراغ شحنات الغضب الكامنة في نفسها، كما بينت دراسات أخرى أن الطفلة قد تصبح عدوانية مع إخوتها فقط، عصبية وعنيدة إذا أرادت شيئاً وصممت عليه ولا بد أن تحصل عليه. لم تتوقف التأثيرات السلبية الناجمة عن الخدم والمربيات على الأطفال، إذ أن وجودهم أدى إلى الركون إليهم من قبل ربات البيوت على أداء معظم الأعمال المنزلية حتى رعاية الطفل. وكعادة البشر ان من يخدمك ويقدم لك كل طلباتك بالتأكيد أن تكون مطيعاً له وربما تجعله قدوتك في كثير من التصرفات والمعاملات وهنا تكمن الخطورة، وكانت نتيجة احدى الدراسات مخيفة اذ اظهرت أن ميل الأطفال للانطواء والعزلة بنسبة 14%، الميول العدوانية لدى الطفل بنسبة 20%.الخمول والكسل لدى الطفل بنسبة 10%. كيفية القضاء على التأثيرات السلبية بما أن الخدم ضرورة اجتماعية واقتصادية تفرضها طبيعة الحياة الاجتماعية والظروف الاقتصادية، ولا سبيل للقضاء عليها كظاهرة إنسانية أبدا، فيجب تخفيف تأثير هذه السلبيات على أبنائنا بالطرق التالية: - اهتمام الآباء والأمهات بتوفير جو من الحب والرعاية والحنان والشفقة والعطف للأطفال؛ تعويضاً لهم عن الفترات التي يتغيبون فيها عن المنزل. - الحرص على احتفاظ الآباء والأمهات بأدوارهم داخل الأسرة فيما يتعلق بتربية وتنشئة الأطفال وعدم التخلي عنهم نهائيا. - تجنب التهاون في العبارات التي قد تتحدث بها الخادمات أمام الطفل، ومراقبة الطفل بقدر المستطاع فيما يتلفظ به من عبارات والعمل على تصويبها أو منعه من التلفظ بها. - وضع ضوابط لعمل الخادمات، من حيث مظهرها وأسلوب حديثها وطريقة تعاملها مع الطفل. - متابعة دور الخادمة في تربية الطفل والطريقة التي تتعامل بها مع الأطفال للتمكن من الاطمئنان عليه خلال فترات الغياب خارج المنزل. - عمل جلسات دينية ووعظية مع الأبناء ولو من خلال قراءة قصص قصيرة دينية عن السلوك والتربية الاسلامية الحقيقية في جو عائلي يقوم الأب والأم بتهيئته بصورة ترغب الأبناء التشوق لمثل هذه الجلسات ولو حفزناهم بعد كل جلسة بفسحة او طلب أكلة عائلية جماعية. كسرة أخيرة: جميع أسرنا تحتاج الى تغيير نمط حياتها لتواكب التطورات والتغيرات التي حدثت في العالم من حولنا، ولخلق جيل جديد معافى يعتمد على نفسه ويخدم بلده ويساهم في تطورها وتنميتها، خاصة في ظل اجتياح وباء كوفيد-19 الذي غير الكثير من أنماط الاقتصاد العالمي وأصبح الاعتماد الذاتي لكل دولة ضرورة تستوجب تقوية سواعد أبنائها، فتلكن الخادمة ضرورة للمساعدة في الخدمات المنزلية وتسهيلا لربات البيوت للقيام بدورهن الأساسي وهو العناية بتربية الأبناء تربية سليمة لخلق جيل معافى نفتخر به أمام العالم. أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض إن هبت الريح على بعضهم لم تشبع العين من الغمض. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]