14 سبتمبر 2025
تسجيلهو سباق بين زوجين ظاهره ركض وسرعة، وباطنه إلفة ومحبة! فالسباق فيه وسيلة لا غاية، وأسلوب لا هدف، يعتمده صاحبه إيقاظا للود وحفاظا على جذوته، وقبل ذلك إرضاء لله وطلبا لمثوبته.تتحدث عائشة رضي الله عنها فتقول: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأمر الركب فتقدموا (وفي الركب أصحابه رضي الله عنهم) ثم قال: انزلي يا عائشة. فنزلت ونزل. فقال: تعالي سابقيني. (وأنا حينئذ خفيفة) فاستبقت أنا وهو؛ فسبقته!! لا تتوقف عند هذا ولا تسأل: هل تقدر امرأة على العدو والمسابقة حتى تسبق النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرت بعض الروايات أن قوته تفوق قوة أربعة آلاف رجل!؟ قد ترك النبي المجال لزوجه وأبطأ عن عمد ركضه؛ حتى تسعد بذاك الانتصار المصنوع على عينه.تكمل عائشة فتقول: حتى إذا كان بعد ذلك خرجت في سفر آخر فأمر الركب فتقدموا، ثم قال: لي انزلي فنزلت. ثم قال: سابقيني يا عائشة فسابقته فسبقني. فقال: هذه بتلك (وأخذ النبي يضحك لها ويبش). فقلت: "يا رسول الله قد كنت نسيت تلك".لم ينس النبي صلى الله عليه وسلم ما أوجبه على نفسه من حسن رعاية زوجه وإرضاء مشاعرها، ولم تشغله سفرته — والتي هي في الغالب غزوة من الغزوات — عن ضرورة إدخال السرور عليهم، وكأنه صلى الله عليه وسلم يعلم أمته الابتكار في الوسائل والأساليب حتى في أحلك الظروف واشدها ؛إبقاء للود، وإرضاء للرب.إن اقتناص وقت للزوجة والأولاد ليس منحة ولا منة يدفعها الزوج إلى أهل بيته، بل هو واجب لا ينبغي التساهل فيه، وحق لا يجوز العدول عنه.بيتك وأهلك أمانة، وهو في بيتهم أو قصرهم العتيق لا ينقصهم الزيت ولا الدقيق، إنما ينقصهم:الزوج الشفيق، والقائد الرفيق، والوالد الصديق. فاجعل البداية منك فأنت رب البيت وقائده، وخذ من رسول الله الأسوة والقدوة، ولا تنس: هذه بتلك.