10 سبتمبر 2025
تسجيلصدق أو لا تصدق، ولكن تنكر قلمي وتجرده من التزاماته المتعلقة بالمسرح، لا ولن يكون يوماً؛ لأنه ما لا يوافق سجيته أبداً، حتى وإن شعرت للحظات بإمكانية حدوث ذلك، وطاوعت ذاك الشعور فعلاً فسرت خلفه حتى أوشكت على تصديقه، إلا أنه ومن جديد ما لن يكون، فقلمي وإن انشغل بأمور أخرى، قد يُجبَر عليها بين الفينة والفينة، بفضل ما تفرضه عليه مزاجية الظروف، وذلك حين تصر على ضرورة تواجده في أكثر من مكان وفي ذات الوقت، فيُقبل على ذلك مجبراً؛ للبحث عن وضع يليق به مع فنون أخرى، تعد من أدوات الإصلاح والتغيير، وترتبط به ارتباطاً وثيقاً بحكم أنها من صلب المسرح، وستظل مرتبطة به ومخلصة له حتى النهاية، إلا أنه لا ولن يبتعد عن (مسار أبو الفنون) الذي سلكه منذ البداية المطلقة، وذلك؛ لأن المسرح حياتنا التي نعيشها بكل ما فيها من تفاصيل دقيقة، (نعم) قد تختلف تلك الحياة بحسب الأدوار التي سنختارها، وستتقلب وتدور بين ما للمرسل وما للمتلقي، ولكن (لا) لا ولن يلغي ذلك حقيقة أننا وسط مسرح كبير، نتعلم منه الدروس والعبر في كل لحظة يجدر بنا الخروج منها بأكبر قدر من الفائدة، فكل مشهد يضم وجودنا فيه (يكون) إما لنُعبر عن شيء ما، وإما لنعتبر من شيء ما، والحق أن تلك الفائدة ـ وفي كل الأحوال ـ ستظل قائمة حتى النهاية، التي وكي نبلغها فلاشك بأننا سنكون قد حضرنا كل فصول المسرحية، بكل ما فيها من مشاهد، ستترك أثرها في القلوب؛ كي نسترجع منها ما يستحق منا ذلك، حين نبحث عما نشعر بأنه سيخدم الموقف الذي نعيشه، ويتطلب منا معالجة خاصة، سنجدها هناك، أو لنُرجع ما نشعر بأنه لن يعود بفائدته علينا حيث كان، فندفنه في أرضه بمجرد أن ننتهي منه؛ لأننا ـ وبكل بساطة ـ لا ولن نفكر بالعودة إليه أبداً؛ لأسباب لعل أهمها أنها تُثير الحزن والاستياء، ولا خير في وجودها معنا من الأصل. هناك الكثير من المشاهد التي حضرتها من مسرحية حياتي، لعبت فيها دور المُرسل تارة، ودور المتلقي تارة أخرى، والحق أنه الوضع الذي يسري مع الجميع، ولكل فرد منا ما يشغله من تلك المشاهد، ولدرجة يشعر معها بأنها تلاحقه في كل وقت وحين؛ لذا يميل إلى تسليط الضوء عليها من باب "الفضفضة" وتحريك صخرة الهموم، التي تجثم على صدره؛ كي يتنفس قليلاً، ويشعر بأنه على قيد الحياة، والحق أنه وإن لم يكن في ذلك من الراحة ما يمكن أن يحقق ذلك فعلاً، فلاشك بأنني ما كنت لأقبل عليه أبداً. هل تعلمون بأن أكثر ما يشغلني في الوقت الحالي، وأشعر بأنه ينهش تفكيري، ويكاد يلتهمه دون أن أتمكن من التملص منه، هو مشهد الألم! (نعم) مشهد الألم الذي أدرك بأن منكم من يود معرفته؛ ليعرف ما أتحدث عنه، وإن كان ذلك بشكل موجز، لن يُلخص حجم ما أعيشه أبداً، ولكن يكفي أن أحرره؛ كي أتحرر منه فيُدرك. مشهد الأم والألممن المؤلم أن أقف كالمتفرجة على مشهد الأوجاع، وهي تغزو جسد أمي، دون أن أتجرأ على فعل أي شيء سوا البكاء بصمت، ومن المؤلم أكثر.. أن أتابع ما يحدث بدموع حارقة لا تُترجم إلا ضعفي، عجزي، قلة حيلتي، وكل ما يُطالبني به المشهد قبل أن يُسدَل الستار؛ ليُعلن نهايته، التي أتمنى بأن تكون قادرة على إنهاء رقصة الأوجاع تلك، فما فعلته يُرهقني كثيراً، ولا قدرة لي على تحمله أكثر. (الرحمة يا رب).وطن الإنجازاتهناك الكثير مما أود التحدث عنه وتسليط الضوء عليه، ولكن حين يكون الحديث عن أمي، يعود كل شيء إلى مكانه، ويكتفي بالصمت؛ لمتابعة ما يمكن أن يكون مني من أجلها.. تلك الغالية، التي سأقول عنها وعن كل أم: بأنها وطن كل (الإنجازات)، التي نحلم بها؛ لذا ـ وكي نُحقق ما نريد من إنجازات ـ فلابد أن نعرف قيمتها تلك الأم، ومن لا يقبل ولن يفعل فهو خائن.