11 سبتمبر 2025

تسجيل

خريطة طريق الشيخ تميم بن حمد لدور ومستقبل دولة قطر

18 سبتمبر 2022

مقال خريطة طريق الشيخ تميم بن حمد لدور ومستقبل دولة قطر قرأت بتمعن مقابلة صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع مجلة لوبوان الفرنسية- تطرق سموه لقضايا متعددة ومهمة، مقدماً خريطة طريق واقعية ومعبرة عن آمال وطموح دولة قطر-بتأكيد "دولة قطر صغيرة جغرافيا، لكن كل دولة، كبيرة كانت أم صغيرة، تضطلع بدور في الأحداث الجارية حول العالم. ونحن نسعى من خلال سياستنا الخارجية إلى تقريب وجهات النظر المتباينة، لمساعدة جميع الأطراف التي تحتاج إلى المساعدة، ولعب دور الوسيط في المنطقة وخارجها. فالعالم يحتاج إلى الحوار لحل مشاكله." هذا يحفز دولة قطر على لعب دور أساسي وبمصداقية في الشؤون الخليجية والعربية والإقليمية، كأمن الطاقة واستضافة قطر أول دولة خليجية وعربية ومسلمة وعالم نام ٍ بطولة كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر. كما كان لافتاً في المقابلة الاطلاع الواسع الذي عكسته إجابات سموه على مجموعة من الأسئلة حول نموذج قطر، والإسلام دين سلام، وأهمية التعليم والتنمية، وأمن الطاقة ودور المرأة والأزمة الخليجية التي باتت من الماضي، والقادة الذين الهموا سمو الشيخ تميم بن حمد، وعلى رأسهم سمو الأمير الوالد ومؤسس سنغافورة الحديثة لي كوان يو وراعي نهضة رواندا الرئيس كاغامي. تمسك سموه بالحياد حول الاستقطاب بين أمريكا والصين-كون "دولة قطر حليفا مهما للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام، لكن الصين هي المستورد الأول للغاز الطبيعي المسال القطري." وكرر سمو الشيخ تميم بن حمد أهمية استقلالية دولة قطر في مواقفها.."لا أريد أن ينظر إلينا أحد بصفتنا داعمين لجانب معين ضد جانب آخر. نحن دولة صغيرة محاطة بدول كبيرة، كما أننا عضو في مجلس التعاون الخليجي ونفتخر بتراثنا العربي، ولا نقبل أن يملي أحد علينا ما نفعله أو يتدخل في شؤوننا الداخلية. ونحافظ في الوقت ذاته على أفضل العلاقات مع الجميع، بما في ذلك جيراننا". لطالما لعبت دولة قطر دوراً في سياستها الخارجية أرتكز على دبلوماسية الوساطة وحل النزاعات والدبلوماسية والوقائية بتغليب لغة الحوار لتقريب وجهات النظر المتباينة وحل المشاكل. وبرعت قطر كما كان حال الكويت في عصر دبلوماسيتها الذهبية في السبعينيات والثمانينيات في التوسط. ورأينا ذلك بتوسط قطر بين الأمريكيين وطالبان في أفغانستان، وبين الأمريكيين والإيرانيين في مفاوضات اتفاق إيران النووي للعودة للاتفاق النووي لعام 2015، انسحبت منه إدارة ترامب وفرضت أقسى العقوبات عام 2018. خاصة أن العلاقات بين قطر وإيران "مهمة وتاريخية ونشترك مع إيران بأكبر حقل غاز طبيعي"، و"إيران دولة مجاورة، ومن واجبنا ومصلحتنا أن نقوم بكل ما في وسعنا لجمع الأطراف معا وتشجيعهم للتوصل إلى تسوية سلمية." كما دعا سموه دول الخليج وطهران إلى الحوار. وشهدنا توسط دولة قطر بين فرقاء الأزمة اللبنانية، وفي اليمن ودارفور والسودان وتشاد وغيرها. مما يكسب قطر الكثير من المصداقية والحيادية، وهذه صفات أساسية لأي وسيط بين طرفين متنازعين. وكان لافتاً وموفقاً تأكيد أمير قطر عدم خوضه في الأزمة الخليجية وحصار قطر التي باتت من الماضي،" لا أرى أي طائل من التحدث عن الماضي.. بل نريد أن نتطلع إلى المستقبل. فنحن نمر بمرحلة جديدة تسير فيها الأمور نحو الاتجاه الصحيح". وكرر سمو الشيخ تميم بن حمد الموقف من "القضية الأهم هي القضية الفلسطينية، لأن السلام لن يتحقق إذا لم يتم التوصل لحل لها، ناهيك عن سوريا وليبيا واليمن..."..."والمطلوب التوصل إلى تسوية سلمية من أجل الشعب الفلسطيني، وأن نمنحه الأمل ونعيد له أرضه. نحن نتحدث مع الإسرائيليين، ونقدم المساعدات لسكان غزة والضفة الغربية أيضا. أنا أؤمن بحل الدولتين، إذ يجب أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب، لكننا بعيدون عنه للأسف". وفي موقف أخلاقي لافت أوضح سمو الشيخ تميم بن حمد الموقف من سوريا: استبعدت جامعة الدول العربية سوريا لسبب وجيه، وهذا السبب ما زال موجودا ولم يتغير....لماذا نقبل أن يقوم قائد بارتكاب المجازر ضد شعبه وطرد ملايين من بلاده؟ هل هذا مقبول بالنسبة لنا كبشر؟ يتعين علينا أن نتصرف بجدية ونضع حدا للمشكلة من أساسها في سوريا، وينطبق الأمر ذاته على ليبيا. إذا لم نكن حذرين، سنواجه عواقب وخيمة". وعن علاقة قطر بالإخوان المسلمين: أوضح سموه "العلاقة غير موجودة، وليس هناك أي أعضاء نشطاء من جماعة الإخوان المسلمين أو أي جماعات متصلة بها على الأراضي القطرية. نحن دولة منفتحة، ويمر عليها عدد كبير من الأشخاص من أصحاب الآراء والأفكار المختلفة، لكننا دولة ولسنا حزبا، ونتعامل مع الدول وحكوماتها الشرعية، وليس مع المنظمات السياسية". وفي شؤون الطاقة وأمنها، أوضح الشيخ تميم بن حمد صواب استثمار وتطوير قطر قطاع الغاز المسال مبكراً، حيث باتت قطر تتبوأ مركزاً متقدماً بين دول العالم المصدرة للغاز المسال الذي هو مستقبل الطاقة وخاصة النظيفة-والتزام قطر بالاتفاقيات الموقعة لتصدير الغاز المسال للشركاء في آسيا وأوروبا-ومسؤولية قطر بدعم أمن الطاقة "وتصدير الغاز المسال "من الارجنتين إلى اليابان"-خاصة في ظل حرب روسيا على أوكرانيا وفرض عقوبات ومقاطعة الاتحاد الأوروبي للغاز والنفط الروسي. لكن أكد سموه، برغم "رغبة قطر بمساعدة أوروبا وتزويدها بالغاز، لكن ليس صحيحا أن بالإمكان استبدال الغاز الروسي". وينظر سموه للقوة بمنظورها الواسع، التي لم تعد مقتصرة على القوة العسكرية، بل "تقاس القوة بالتعليم والاقتصاد والثقافة". ورأس المال البشري من أهم الركائز الأساسية للمجتمع. وتنويع اقتصاد قطر يرتكز على 9 ركائز أساسية أبرزها التكنولوجيا، والصحة، والعلوم والسياحة وغيرها. والموارد البشرية ليست أبدية، بل ناضبة. وعلق سموه على استضافة كأس العالم لكرة القدم: دولة قطر هي أول دولة عربية تنظم هذا الحدث العالمي البالغ الأهمية للشباب، لا سيما في العالم العربي. سنستقبل مئات الآلاف المشجعين في الدولة، ونرحب بالجميع أيا كانوا وبغض النظر عن أصولهم أو ثقافتهم. ونريد من الزوار أن يتعرفوا على أوجه الاختلاف بين الثقافات وأن يكتشفوا ثقافة دولتنا، ونأمل أن يدفعهم ذلك لزيارتنا مجددا." هكذا وضع الشيخ تميم بن حمد، خريطة طريق لدور ومكانة دولة قطر برؤية وطموح كبير، مؤكدا أن الحجم لم يعد عائقاً لتحقيق إنجازات مميزة، وأن امتلاك رؤية وتوظيف القدرات واستغلال الثروات وصهر مكامن القوة هي العوامل الحاسمة في تحديد مكانة ومستقبل الدول والشعوب. ‏