12 سبتمبر 2025

تسجيل

للخطايا القديمة ظلال طويلة

18 سبتمبر 2018

عنوان المقال هو مثل إنجليزي يقول إن الإنسان عندما يرتكب خطيئة فإن تبعاتها ونتائجها السلبية لا تقتصر عليه وإنما قد تمتد لتصيب الأبناء والأحفاد، وتنشر الخراب حتى بعد عشرات السنين من رحيله عن الدنيا. ويمكن لنا القول إن ظلال النتائج الكارثية للسياسات الرعناء لدول الحصار بدأت تمتد إلى شعوبها التي تدفع تكلفة تلك الأثمان، كما سنناقش في النقاط التالية:   1) الإرهاب في مصر: كان بإمكان الإمارات أن تطلب من السيسي استثمار المليارات، التي دفعتها له ثمنا لانقلابه، في تنمية شبه جزيرة سيناء ومحافظات مصر المهمشة، لكنها لم تفعل لأن الاستقرار الأمني والرفاه سيجعلان الشعب يطالب بإصلاحات حقيقية  لن تخدم المشروع الإماراتي الساعي لبسط السيطرة على قناة السويس لضمان عدم تطويرها لتحقيق هدفين؛ الأول هو إبقاء موانئ دبي مركزا تجاريا عالميا في المنطقة. والثاني، هو تخليق عنف يتيح تهجير المصريين من شرقي سيناء تمهيدا لتنفيذ صفقة القرن الصهيونية. ولو تابعنا ما جرى ويجري منذ قيام الانقلاب، فسنجد أن ظلال خطايا أبو ظبي وتابعها السيسي لم ينتج عنها إلا الإرهاب والخراب. ويعيدنا هذا الأمر إلى الرؤية السليمة الحكيمة لسمو الأمير المفدى في تأكيده على أن الاستبداد والفساد والإفقار والتهميش هي البيئات التي ينمو فيها الفكر العنفي المتشدد والإرهاب.   2) خطاب الكراهية والعنصرية في السعودية: طوال الخمسة عشر شهرا الماضية، قامت السعودية باستنساخ المدرسة المصرية في ممارسة السياسة إعلاميا، وتفوق إعلام المملكة على إعلام مصر بالوصول بالخطاب إلى مستويات غير مسبوقة من السفاهة وانعدام الأخلاق في نشر خطاب الكراهية والعنصرية ضد بلادنا وشعبنا والشعوب العربية والإسلامية. لكن ظلال هذه الخطيئة ارتدت على مرتكبيها، فبدأ يظهر  نفس الخطاب بصور فظيعة في الداخل. ولنضرب مثالين؛ الأول، هو الخطاب العدائي ضد المفكرين والعلماء والدعاة الذين يطالبون بإصلاحات تقود إلى تطوير المملكة وتقوية دورها وتأثيرها في الأمتين العربية والإسلامية والعالم، وتميز باسفاف وابتذال أفقداها قوتها الناعمة كدولة حاضنة للحرمين، ومتمسكة بأخلاق الإسلام وروحه. والثاني، هو الخطابُ العنصري ضد شرائح من الشعب السعودي كذوي الأصول اليمنية الحضرمية الذين عرفوا بمهاراتهم التجارية وحيويتهم في تنمية الاقتصاد وبيئات الأعمال، كما لاحظنا في مقالات بجريدة عكاظ وسواها، وفي تغريدات ذباب دليم القحطاني. وهذا أمر خطير لأنه يمثل دعوة للعنف ضد تلك الشرائح، ويطرح تساؤلا عميقا وأكثر خطورة حول مفاهيم المواطنة والمساواة في المملكة. 3) السهام  الإماراتية المكسورة: لا يمكن للرامي أن يصيب هدفه إذا كانت سهامه مكسورة، وهذه حقيقة فقد رمت أبو ظبي بسهام مؤامراتها ودسائسها بلادنا وكثيرا من ديارنا العربية والإسلامية، فكانت خطاياها عظيمة، وانعكاسات ظلالها أعظم. فقد خسرت الإمارات صورتها الزاهية كدولة تحترم الآخر، وتلتزم بالقانون الدولي، وتحولت إلى بيئة طاردة لرؤوس الأموال، وبلد يخيف المستثمرين. ثم امتدت الظلال لتحطم المكانة والتأثير في نفوس العرب والمسلمين، ولتتحول أبو ظبي في نفوسهم إلى تهديد لعقيدتهم وقضاياهم العادلة. وبذلك، لم يعد ممكنا لأبو ظبي أن تصنع لها دورا مقبولا من الشعوب مستقبلا، وفقدت، بالتالي، بقية رصيدها الدولي كدولة مركزية في المنطقة.   4) البحرين وأزمتها الكومبارسية: تعاني قيادة البحرين من عقدة الممثل الثانوي أو الكومبارس. فهي تدرك أنها غير ذات تأثير دولي، ولا تملك قوة ناعمة قوامها حب واحترام الشعوب، لذلك نجدها ترفع عقيرتها بصراخ عنتري ضد بلادنا، ويتبارى بعض مسؤوليها وإعلامييها للدعوة علانية لانقلاب في بلادنا، وتصل سفاهتهم لدرجة قيام أحد المترشحين لانتخابات مجلس الشورى بإعلان أن شعاره الانتخابي هو: أنا أكره قطر، وتتعاظم ضحالة وعيهم السياسي فيطالبون بخضوع بلادنا لنظام حكمهم. إن تلك القيادة تقوم بهذا الدور الكومبارسي وكأنها تقول لأبو ظبي والرياض: أنا موجودة، علهما تساعدانها في حل الأزمات والمشكلات المزمنة التي صنعتها لشعبها.  كلمة أخيرة: عندما يسود التخلف الحضاري، لا ننتظر إلا الإسفاف والخراب والخروج من التاريخ.  [email protected]