03 نوفمبر 2025

تسجيل

تعزيز المالية العامة في مجلس التعاون

18 سبتمبر 2016

توفر البيئة المنخفضة لأسعار النفط فرصة تاريخية لدول مجلس التعاون لتحسين وضع المالية العامة عبر التخلص من بعض الالتزامات المالية المثقلة من جهة والبحث عن مصادر جديدة للإيرادات من جهة أخرى. تشمل التدابير الحد من الدعم ورفع رسوم الخدمات العامة والبحث عن رسوم جديدة فضلا عن النظر في تطبيق ضريبة القيمة المضافة.اللافت في هذا الصدد قدرة السلطات في توفير الحجج اللازمة للجمهور لترشيد الإنفاق الحكومي وتعزيز الإيرادات وذلك على خلفية انخفاض أسعار النفط وبقائها مستمرة منذ منتصف 2014. وبالمثل، يوجد نوع من تفهم لدى العامة للإجراءات الحكومية للتخلص من بعض النفقات غير الضرورية حيثما كان ذلك ممكنا. مؤكدا، لم تكن هذه الخاصية متوافرة زمن الأسعار المرتفعة للنفط أو عدم هبوطها التاريخي. الملاحظ وجود توجه مشترك في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي فيما يخص الإجراءات المتبعة وتحديدا رفع أسعار الوقود، حديثا انضمت الكويت لهذا التحول وهي آخر دولة عضو في مجلس التعاون تطبق إجراء من هذا القبيل، فقد تم رفع سعر بنزين ألترا عالي الجودة بنسبة 83 بالمائة إلى 55 سنتا أمريكيا للتر الواحد، لكن تميزت الكويت عبر الإعلان عن الأسعار الجديدة مع السماح لفترة زمنية قبل دخول الأسعار المعدلة أو المرتفعة حيز التنفيذ بداية سبتمبر. على العكس من ذلك، طبقت البحرين الأسعار الجديدة للبنزين بعد مرور مجرد 9 ساعات على الإقرار الرسمي، حيث تم رفع سعر البنزين الممتاز بنسبة 60 بالمائة إلى 43 سنتا أمريكيا للتر الواحد. كما أقدمت البحرين على رفع الدعم المقدم للحوم الحمراء في 2015 لكن مع تقديم الدعم المالي للمواطنين المستحقين عبر تحويل مبالغ فصلية للحساب المصرفي. وبالنسبة لتعزيز الإيرادات والبحث عن مصادر جديدة، فقد فرضت دبي منذ 30 يونيه رسم جديد وقدره 35 درهما على كل من يستخدم مطاري دبي وآل مكتوم باستثناء الأطفال دون سن الثانية. تتوقع السلطات حصد 700 مليون دولار خلال سنة واحدة على بدء تطبيق الضريبة الجديدة على أن يتم الاستفادة من المبلغ لتطوير مرافق المطارين الاثنين. بدورها، قررت قطر فرض ضريبة جديدة قدرها 35 ريالا للسفر من بداية شهر ديسمبر على المسافرين والعابرين لمطار حمد الدولي. مما لا شك فيه، توجد إمكانية لبعض مطارات دول مجلس التعاون لفرض رسوم وضرائب لأسباب واقعية. والإشارة هنا إلى نجاح بعض شركات الطيران التابعة للمنظومة الخليجية مثل الإمارات والقطرية والاتحاد بفرض نفسها في صناعة الطيران العالمية عبر شبكاتها الواسعة واستخدامها لأحدث الطائرات، بل ليس من المستبعد تبني مطارات أخرى في دول مجلس التعاون خيار فرض رسوم إضافية على المستخدمين خصوصا وأن الرسم جزء من سعر التذكرة. كما تم الإعلان في السعودية عن نية لخصخصة المطارات. بالتطلع للأمام، توجد نية لفرض ضريبة القيمة المضافة ما بين 3 أو 5 بالمائة في دول مجلس التعاون مع حلول العام 2018 وبالتالي تدشين عصر جديد في المالية العامة. وفي هذا الصدد، أكدت الإمارات عن نيتها بتطبيق الضريبة الجديدة في التاريخ المحدد عبر تطوير الإمكانات المطلوبة لذلك. في المحصلة، من شأن الخطوات والتدابير الجديدة المساهمة في تعزيز الشفافية في المالية العامة وترسيخ قيم الحكم الرشيد فضلا عن الدفع باتجاه تغيير نمط الحياة بالنسبة للبعض على الأقل خصوصا العمالة الوافدة في ظل خطوات إعادة هندسة الدعم والرسوم. باختصار، فرضت مسألة تراجع أسعار النفط واقعا اقتصاديا جديدا في مجلس التعاون.