12 سبتمبر 2025
تسجيلالاتجار بالبشر ليس وليدة العصر، وإنما هي مشكلة لها جذورُها منذ القدم، إنَّ هذه الظاهرةَ جريمةٌ دوليَّةٌ عابرة للقارات لا تقتصر على دولة معينة، وإنما تشمل العديد من الدول المختلفة والتي تختلف أنماطها من دولة إلى أخرى، وفقًا لعاداتها وتقاليدها وثقافاتها وتشريعاتها ومفهومها لنظرية الاتجار بالبشر ومدى احترامها لحقوق الإنسان. ويجب التنبيه إلى أنَّنا لا نستطيعُ أن نحصرَ جميع الأشكال والصور التي يمكن أن تتخذها جريمة الاتجار بالبشر؛ فمنها على سبيل المثال وليس الحصر، الاتجار بالنساء والأطفال للدعارة والاستغلال الجنسي، وبيع الأعضاء البشرية وعمالة السخرة، واستغلال المهاجرين بصفة غير شرعية، واللاجئين مع زيادة النزاعات والحروب وسوء المعيشة وتدني الأحوال الاقتصادية في بعض الدول؛ حيث إن تلك الظاهرة تطوَّرت عبر الأزمنة وأصبحت تُنظِّمُها جماعات إجراميَّة جعلت من هذه الجريمة مصدرَ دخلها الأساسي، وتهدف من ورائها إلى تحقيق أرباحٍ طائلةٍ؛ فهي بذلك تُعَدُّ جريمة مُنظَّمة. أولا: أشكال الاتجار بالبشر وآثاره. 1ـ استغلال المجني عليه جنسيا: ويتم فيها استغلال النساء والبنات والأطفال للمتاجرة بهم عبر شبكات الدعارة، والترويج للإثارة عبر الشبكة العنكبوتية من عرض المفاتن النسائية على رواد الإنترنت، والجنس السياحي الذي يُمارس في الدول الجاذبة للسياحة. 2ـ الاستغلال القسري للاتجار بالعمال: هذا النوع من الاتجار أكثر انتشارا في المنطقة العربية حيث يتم استغلال العمالة الوافدة الذين يستقلونهم من دولهم وتسخيرهم للأعمال الشاقة والصعبة بل والخطيرة، كما يكون استغلالهم عن طريق هضم حقوقهم أو تهديدهم بالعودة لبلادهم، أو إيذائهم، كما يتعرضون لأسوأ أنواع المعاملة. 3ـ الاتجار في الأعضاء البشرية: حيث يتم من خلال توفير أعضاء بشرية للأفراد المحتاجين لها بطريقة غير شرعية ويمكن أن يتحملوا تكلفة هذه الجريمة البشعة دون الاكتراث لآدمية المجني عليه وخطورة ذلك عليه، ظناً منهم أن المال يفعل ما يريدون بأي الطرق. حيث تقوم بتدبيرها المنظمات والمستشفيات المتخصصة في ذلك ولكن في الخفاء وفي بعض الأحيان يتحايلون على المجني عليه بإقناعه بمبلغ مالي خيالي واستغلال ظروفه المعيشية الفقيرة جداً والغالب في هذه الجريمة تكون دون علم المجني عليه أو تحت تهديده أو الضغط عليه. وللأسف أن المجني عليه لا يعلم الكثير عن هذه الجريمة. 4ـ أشكال الاتجار في الأطفال: وهو نوع من الاتجار الذي يتم تحته صور وطرق عديدة من الاستغلال، وهي: ويبدو هذا من خلال الاستغلال الجنسي للأطفال عنوة أو بالمداهنة، استغلال الجماعات المتخصصة في التسول للأطفال، كما يتم تجنيدهم في الجيش واستخدامهم في الكشف عن الألغام، سرقة أعضائهم البشرية وذلك عن طريق بيع الأطفال من قبل أسرهن، أو استهداف الأطفال عن طريق سرقتهن أو خطفهن أو استهداف أطفال الشوارع والمشردين والأطفال الناجون من الكوارث والأزمات، وقد تمارس بعض هذه الجماعات ضغطًا على الأسر من أجل التنازل عن أولادهم الذين سيعملون في أعمال منافية للآداب مع إيهامهم تلك الأسر أن أطفالهم سيعملون أعمالا غيرها ولن يتلقوا تعليما أو تدريبًا، كما سيكون العمل بأجور متدنية. ثانيا: الآثار السلبية المترتبة على ظاهرة الاتجار بالبشر: جريمة الاتجار بالبشر تعتبر جريمة منظمة وعابرة للحدود ولذلك تعكس الكثير من الآثار السلبية سواء على الأفراد والمجتمعات والدول، ومنها: الآثار الاجتماعية: 1ـ انتهاك كرامة وحرية الآدمي جسديا وانهيار البنية الاجتماعية، بانهيار الأسرة حال قيام الحياة الزوجية، وانخفاض المعدلات الصحية. 2ـ زيادة نسبة الجريمة ارتفاعا بسبب تأثرها بعوامل الانهيار الاجتماعي وهو العامل الحاسم في افتقاد أفراد الأسرة للشخص المؤثر المخطوف وهو ما يتسبب في خلخلة الهيكل الاجتماعي للأسرة في التنشئة الاجتماعية والتربوية والتعليمية السليمة.. 3ـ يتسبب الاتجار في البشر في شيوع الفوضى والفساد وذلك بعد انتشار العصابات الإجرامية التي تتفنن في خطف البشر من بلد التصدير لبلدان الاستيراد. 4ـ تتسبب في إفساد الأجيال الصاعدة من الأطفال الذين فقدوا سواء الأب أو الأم أو بعض ذويهم الذين يؤثرون فيهم، مما يشكل خروجهم إلى دنيا الجريمة مبكرا. 5ـ تعرض البشر المخطوفين إلى حالات من العنف الجسدي والجنسي الذي قد يصيبهم بالعديد من الأمراض التي تنتقل عبر الإيدز وسوء التغذية والسارس وغيره. 6ـ تدعم الجريمة المنظمة التي تخلخل البنيان المجتمعي، وتشيع القلق بين الأسر خوفا على أطفالها وأفرادها، وتفقدهم الأمان، انتشار الحذر وترقب الأسوأ من الأخبار وزارة العدل - خبير قانوني [email protected]