06 أكتوبر 2025
تسجيلتؤكد العديد من المؤشرات بأن الاقتصاد العماني يمر بظروف حسنة. وتشمل هذه التطورات الايجابية أمور مثل 1) تعزيز النمو الاقتصادي 2) تسجيل فائض ضخم في الحساب الجاري 3) زيادة نفقات الموازنة العامة 4) الاحتفاظ بملاءة سيادية عالية المستوى 5) تطوير البنية التحتية في جميع أنحاء السلطنة وخصوصا في منطقة الدقم. على سبيل المثال، يتوقع صندوق النقد الدولي استمرار الاقتصاد العماني في تسجيل نسب نمو متميزة. وبصورة محددة، يتوقع الصندوق تحقيق الناتج المحلي الإجمالي العماني نموا قدره 5.1 في المائة في العام الجاري مقارنة مع 5 في المائة في 2012 و 4.5 في المائة في 2011. ويعود الفضل بشكل جوهري لهذا التطور الملفت إلى الوضع النسبي القوي فيما يخص الإنتاج النفطي من جهة وأسعار النفط من جهة أخرى. يعتقد بأن القطاع النفطي يساهم بنحو 76 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي موزعا ما بين 63 في المائة للنفط و 13 في المائة للغاز. بالنسبة للإنتاج النفطي، فقد بلغ مستوى الإنتاج قرابة 878 ألف برميل في اليوم في 2011 مرتفعا إلى 920 ألف برميل في 2012 وعلى أقل تقدير 930 ألف برميل في العام الجاري. وحسب الصندوق، من المنتظر أن تبلغ قيمة عوائد صادرات النفط والغاز قرابة 36.4 مليار دولار في العام 2013 أي أعلى بشكل ضئيل مقارنة مع 2012. لكن يزيد الرقم بشكل لافت عن عوائد 2011 والتي بلغت 33.4 مليار دولار. يشار إلى أن القطاع النفطي يستحوذ على قرابة 70 في المائة من مجموع الصادرات وهي نسبية جديرة. وهذا ربما يفسر قدرة السلطنة على تحقيق فائض في الميزان التجاري في السنوات القليلة الماضية بمقدار 20 مليار دولار فما فوق. طبعا، من شأن ارتفاع مستوى الإنتاج النفطي في ظل محافظة أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة تعزيز إيرادات الخزانة العامة وبالتالي قدرة السلطة على الصرف وبالتالي التأثير على مجمل النشاط الاقتصادي. الشيء الجميل في هذا الصدد هو غياب الضغوط التضخمية كظاهرة عالمية في الوقت الحاضر على الأقل. بالنسبة للمالية العامة، فقد أعدت السلطات المالية موازنة السنة المالية 2013 بنفقات قدرها 33.5 مليار دولار مخلفة ورائها عجزا في حدود 4.4 مليار دولار. لكن من المحتمل تسجيل عجز محدود في أسوأ الأحوال بالنظر لإمكانية تعزيز الإيرادات. والإشارة هنا إلى إعداد موازنة 2013 عبر افتراض متوسط سعر قدره 85 دولارا للبرميل أي أقل بشكل واضح من الأسعار السائدة في الأسواق العالمية. وكما أسلفنا، يلعب القطاع النفطي دوار محوريا وكتحصيل حاصل، تساعد الحقائق المتعلقة بالنمو والميزان التجاري بحصول السلطنة على درجات ائتمانية راقية. وخير دليل على ذلك نيل عمان درجة (أي) و (أي واحد) من قبل مؤسسة ستندارد أند بور ووكالة موديز على التوالي. كما تقدم الجهتان الرائدتان في مجال الدرجات الائتمانية نظرة مستقبلية مستقرة الأمر الذي يعكس آفاق الاقتصاد العماني. وفي شهر يونيه الماضي أعادت مؤسسة ستندارد أند بور تثبيت الدرجة الائتمانية لسلطنة عمان عبر التأكيد على بعض مواقع القوى في الاقتصاد العماني وخصوصا الاحتفاظ بفوائض في الموازنة العامة والميزان التجاري. من جملة الأمور اللافتة، أشارت المؤسسة إلى تحقيق فائض قدره 25 مليار دولار في الميزان التجاري في 2012 أي نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي. كما أبدت ستندارد أند بور وهي محقة في ذلك عن سرورها لتحقيق السلطنة فائضا في الموازنة العامة للعام 2012 والذي شكل نحو 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما تتوقع المؤسسة ارتفاع مستوى فائض الموازنة العامة لحد 4.2 في المائة في السنة المالية 2013. على صعيد آخر، سوف تستفيد مختلف القطاعات الاقتصادية من برنامج لصرف مبلغ ضخم قدره 65 مليار دولار في الفترة ما بين 2013 و 2017. لا شك، يعد هذا الرقم نوعيا بالنسبة لاقتصاد قدره 77 مليار دولار حسب آخر الإحصاءات المتوافرة. وتشمل المشاريع تشييد مجمع يضم مصنع لتكرير النفط الخام إلى منتجات نفطية فضلا عن مصنع آخر للبتروكيماويات في منطقة الدقم. يندرج هذا المشروع في إطار خطة لتطوير منطقة الدقم عبر تعزيز دورها الصناعي والسياحي وبالتالي المساهمة في حل بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه السلطنة. حقيقة القول، تنصب جهود المسئولين في السلطنة نحو تحويل منطقة الدقم إلى واحة سياحية من خلال الاستفادة من موقعها المتميز. تطل ولاية الدقم والتي تعد إحدى ولايات المنطقة الوسطى على بحر العرب. ومن شأن الاستفادة القصوى من الإمكانيات المتاحة في منطقة الدقم المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد العماني وخصوصا إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين. ولحسن الحظ، يعرف عن الشعب العماني استعداده للعمل في القطاعات الصناعية والخدمية بدليل ظاهرة عمل المواطنين في مختلف المنشآت في منطقة صحار الصناعية. مؤكدا، تواجه عمان تحدي نوعي في مجال إيجاد فرص عمل للمواطنين بالنظر لبعض الحقائق الديمغرافية. يشكل المواطنون حتى سن 15 قرابة 43 في المائة من مجموع المواطنين الأمر الذي يمثل تحديا لواقع وآفاق سوق العمل. لا شك يعد موضوع إيجاد فرص عمل أمرا حيويا حيث تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة، حيث تتراوح نسبة البطالة ما بين 12 و 15 في المائة في أوساط الموطنين المؤهلين للتوظيف وجلهم من الإناث. كما هناك ظاهرة البطالة المقنعة حيث لا يرى البعض من المواطنين بدا من تولي وظائف متدنية نسبيا من حيث المستوى والدفع مقارنة مع المؤهلات والخبرات العلمية للأفراد. ما يبعث على الاطمئنان هو استعداد السلطات العمانية للاستفادة من الفرص ومواجهة التحديات الاقتصادية المتشعبة التي تواجه البلاد.