15 سبتمبر 2025

تسجيل

القرار الصحيح

18 يوليو 2021

كل المواقف التي تمر في حياتنا تحتاج إلى قرار، سواء كان قراراً مصيرياً أو مؤقتاً وعابراً، وتبدأ القرارات العابرة منذ اللحظة الأولى التي تفيق فيها من النوم لتقرر جدول يومك، بل حتى نكهة قهوتك تحتاج منك إلى قرار، والقرارات التي اتخذناها كثيرة والمصيرية منها انعكست على حياتنا، فمثلاً دراسة تخصص جامعي حدد وظيفتنا، الزواج أو الطلاق حدد الشكل الاجتماعي لنا، إذا تتحكم قراراتنا في مسيرتنا المهنية والاجتماعية والصحية والمالية وكل تفاصيل حياتنا، لهذا يجب أن تكون قراراتنا سليمة وملائمة لنا إن كان الموضوع يخصنا بشكل شخصي لكن عندما يكون القرار له انعكاس على الآخرين أو مجتمع كامل يجب أن يُدرس بشكل علمي ومنطقي وتُستبعد الأهواء الشخصية والمزاجية حتى لا تحدث بلبلة في المجتمع وتتضرر شريحة كبيرة من الناس ولا يجدون من ينصفهم وقتها فيتحملون هم نتائج قرارات رسمية غير مدروسة ولم تعتمد على المنهج العلمي والمنطقي ووضع كل الاحتمالات السلبية قبل الإيجابية وتحليلها، وبعد أن يتضرر الناس يتم التراجع عن ذلك القرار ويتم تعديله ولكن بعد وقوع الضرر للأسف! يُعّرف القرار بالاختيار الناجح بين موضوعين أو أكثر لحل مشكلة معينة أو قضية ما، ولاتخاذ القرار المناسب لابد من دراسة تحليلية وشروط، وغالباً ما يتم الاعتماد على اتخاذ القرار بالحدس الذي يأتي من مزيج من خبرات سابقة وقيّم شخصية واطّلاع للشخص أو المنطق، حيث يتم الاعتماد على الأرقام والحقائق المتوفرة عن القضية مع استخدام الورقة والقلم لتدوين السلبيات والإيجابيات والتوازن بينهم، ولابد من توفر الحدس والمنطق في اتخاذ القرار (إذا كان صاحب القرار يمتلك صفتي الحدس والمنطق ولديه من الخبرة ما يؤهله لذلك). وكلما كان الشخص يمتلك المعرفة والخبرة كلما كانت قراراته سليمة ونافعة له ولمن حوله أمّا دون ذلك فسيكون القرار عقيما وصعب التنفيذ وقد يُكّلف الجميع الكثير مادياً ومعنوياً وسيثير سخطا بين العامة، ولعل من أهم الخطوات التي يعتمد عليها اتخاذ القرار جمع المعلومات الكافية عن الموضوع ودراسة إمكانية تطبيقه وتنفيذه والإمكانيات المتوفرة لتسهيل تنفيذه، وخطوة مهمة أيضاً هي التأني في اتخاذ القرار وعدم التسّرع نتيجة العاطفة والمزاج أو الرغبة في الانتقام والتحدي، فلابد أن يُؤخذ القرار بهدوء وعقلانية وحيادية وهذا يتطلب حكمة وخبرة أيضاً، كذلك التفكير في انعكاسات القرار بعيدة وقصيرة المدى، فلا ينفع أن يُؤخذ قرار لحظي لمناسبة معينة يتعارض مع قوانين دستورية وواضحة دون أن يكون هناك بُعد نظر لمثل هذا القرار على العامة، فهذا ما قد يُحدث فوضى واستياء، وضع خطط بديلة لأي قرار قبل أن يُؤخذ يدل على مهنية صاحب القرار، بحيث يكون الشخص جاهزًا للمشاكل التي قد تواجهه بعد القرار بحيث لا يضطر إلى التراجع عن القرار، لأن ذلك يضعف مصداقيته أمام العامة خاصة إذا تكرر ذلك في قرارات سابقة، وعندما تصدر قرارات غير عملية وبعد أن يضج العامة منها يتم تغييرها دون توضيح سبب القرار السابق الذي لم يُدرس بالشكل الكافي، كما أن كثرة إلغاء وتعديل القرارات يدل على قصور في الخبرة والمعرفة والحكمة ويضعف الشكل العام لصاحب القرار، ومن المحبب مشورة أهل العلم والاختصاص والخبرة قبل التخطيط لإصدار قوانين وقرارات وترك المزاجية والتسّيد جانباً خاصة عندما يختص الموضوع بشريحة كبيرة من الناس وليس قراراً للحياة الشخصية، فكلما كان القرار صحيحًا كلما تحقق الرضا الاجتماعي وساد النظام وسُدّت الثغرات التي تُمكن الأعداء وضعاف النفوس من توجيه الانتقادات اللاذعة والحصول على مادة ثرية للتداول والسخرية. * أصعب ما يمكن أن تمر به هو الفشل في اتخاذ قرار يسيّر حياتك، فما بالك عندما تفشل في اتخاذ قرار مجتمعي تُحدث انعكاساته السلبية فوضى في المجتمع وتضطر لتغييره بعد ضغط الرأي العام فتفقد مصداقيتك! [email protected] @amalabdulmalik