26 أكتوبر 2025

تسجيل

من بعدها سيبدأ العيد

18 يوليو 2015

الالتزام والتمسك بالعادات يخلق نوعاً من الانضباط، الذي يحكم النفوس ويتحكم بها لدرجة أنها تشعر بكثير من الألفة، التي تُولد التناغم، فيجعلها تقوم بكل ما عليها بكفاءة عالية ودون أي نقص يمكن بأن تشكو منه، ولكن ومتى تغير الوضع شعرنا بالتوتر وقد غلب الموقف كله-هذا وإن كان الكلام عن العادات-لذا ومتى كان عن العبادات فكيف سيكون حينها؟ العبادات التي التزمنا وتمسكنا بها طيلة الشهر الفضيل؛ لنُعطي أفضل ما لدينا وبشكل جعلنا ننضبط ونضبط تصرفاتنا حتى يخرج السوي منا بالخير الذي يطمح ويحلم به فيما بعد.مما لاشك فيه أن رمضان وبمجرد أن يقرر الرحيل ويُدير لنا ظهره؛ مودعاً فإننا سنشعر بذاك التوتر، الذي سندركه على الفور كما أدركناه فعلاً حين أعلن انسحابه؛ كي يدخل علينا العيد، فشعرنا بشيء كسر قالب الانضباط، الذي مارس سلطته علينا خلال الفترة الماضية، التي شهدت منا محافظة شديدة وحرصاً أشد لكل الملامح الجميلة التي ظهرت في رمضان، وهي تلك التي لا نتباهى بها ونتذكرها فقط في ذاك الحين، ولكن تميل النفس إلى تهذيب نفسها بنفسها وسط تلك الأجواء الروحانية التي يبثها رمضان في كل عام، فيُجبرها على خوض حالة من السلام الداخلي، تأخذه وكنتيجة حتمية نحو ما يُعرف بالأمان، وسبحان الله يغيب الأول ويتقلص الثاني وسط الزحام الذي تفرضه المهام اليومية، ولكننا نعود إليهما ونشعر بهما لحظة دخول رمضان وحتى خروجه؛ لذا فإن كل مسلم منا يجد ويجتهد؛ كي يحقق الغاية العظيمة من شهر رمضان يستحق خروجه بالمُراد، الذي سيُنير له حياته من بعد وحتى العام الذي سيعقبه -إن شاء الله له ذلك-؛ كي يشحذ قلبه أكثر، ويتمكن من خوض حياته بثقة أكبر، تستند إلى إيمانه وكل أعماله الصالحة، التي سيباركها الله وستُحسب له بإذنه تعالى.أحبتي: إن كل ما فرضه علينا شهر رمضان خلال الفترة الماضية قد خلق الكثير من الانضباط، الذي أشعر به كما يفعل غيري دون شك، والانضباط الذي أتحدث عنه هو ذاك الذي يضبط النفس ويُهذبها، وسنستمر وسنداوم عليه حتى وإن مضت الأيام، فهو ما نحتاج إليه، خاصة أن الأمر لا يتطلب منا الصيام عن الطعام، ولكن الصوم عن الأخطاء والزلات في سبيل تصفية حياتنا من كل الشوائب، التي تعكرها وتجعلنا ننشغل بها بدلاً من أن نركز على كل الأمور الأخرى، التي ستنهض بنا وتأخذنا نحو الأفضل وإليه، ويمكن بأن ندركه في كل عام حين يُقبل رمضان جبين الأيام فندخل من بعد ذلك مرحلة جديدة لابد وأن تُشحن فيه النفوس؛ كي تخرج من جديد وهي أكثر انتعاشاً وقدرة على العطاء، والحق أنه (أي ذاك العطاء) هو ما قد خرج به كل واحد منا وسيحتفل به في العيد، الذي لن يدرك قيمته في قلوبنا حتى ندرك قيمة ما قد فعلناه من قبل، ورغبنا بأن نسلط الضوء عليه في هذه المرة، ومن خلال الزاوية الثالثة، التي تُبارك لكل الأمة الإسلامية هذا العيد السعيد، بهذه التهنئة الصادقة: كل عام والأمة الإسلامية بخير يُكللها من كل حدب وصوب (اللهم آمين).من همسات الزاويةكل يوم يُقدره الله لك كصفحة بيضاء يُقلبها الزمن، ولك حق كتابة ما تريده على ظهرها، وأن تمتد لحظاتك من بعد رمضان؛ لتصل إلى (صفحة العيد) فلاشك أنه ما يعني أن الله قد منحك فرصة جديدة؛ كي تكتب جديداً لربما لم تتمكن من كتابته من قبل، ولربما منعتك ظروفك ووقفت لك بالمرصاد قبل أن تفعل، ولكن آن الأوان؛ كي تأخذ ما تستحقه فعلاً، فهو ما يجدر بأن يكون ويدل على أنك تملك الكثير؛ كي تعرفه وتُعرفه للآخرين؛ لذا لا تقف وتُجمد ذاتك حيث كنت مع كل ما ارتكبته من أخطاء؛ كي تجلدها وتُعذبها على ما كان منها، ولكن تابع حياتك وانطلق من بعد رمضان، الذي ضبطت نفسك فيه كما يجب نحو حياة تستحق الانضباط، الذي سيحقق لك ما تريده بإذن الله وستجد معه وفيه راحتك.