15 سبتمبر 2025

تسجيل

فعلم ما لم تعلموا

18 يوليو 2013

نواصل وقفاتنا مع كتاب الله تعالى في سورة الفتح، ونتوقف اليوم عند قوله تعالى:● (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً {26}) (إذ جعل الذين كفروا) أي الكافرين والإلقاء في قوله تعالى (في قلوبهم الحمية) أي الأنفة والتكبر متعلق به أي جعلوها ثابتة راسخة في قلوبهم (حمية الجاهلية) أي حمية الملة الجاهلية أو الحمية الناشئة من الجاهلية وقوله تعالى (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) والمراد تذكير حسن صنيع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع الكفرة والسكينة الثبات والوقار (وألزمهم كلمة التقوى) أي كلمة الشهادة أو بسم الله الرحمن الرحيم أو محمد رسول الله وقيل كلمة التقوى هي الوفاء بالعهد والثبات عليه وإضافتها إلى التقوى لأنها سبب التقوى وأساسها أو كلمة أهلها (وكانوا أحق بها) متصفين بمزيد استحقاق لها على صيغة التفضيل وقيل أحق بها من الكفار (وأهلها) أي المستأهل لها (وكان الله بكل شيء عليماً) فيعلم حق كل شيء فيسوقه إلى مستحقه. ● قوله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً {27}) (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) رأى الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا رؤوسهم وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم فلما تأخر ذلك قال عبدالله بن أبي عبدالله بن نفيل ورفاعة بن الحرث والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت أي صدقة - صلى الله عليه وسلم - في رؤياه كما في قولهم صدقني سن بكرة وتحقيقه أراه الرؤيا الصادقة وقوله تعالى (بالحق) أي صدقاً متلبساً بالحق أي بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التي هي التمييز بين الراسخ في الإيمان والمتزلزل فيه أو حال من الرؤيا أي ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام وقد يجوز أن يكون قسماً بالحق الذي هو من أسماء الله تعالى أو بنقيض الباطل وقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام) جوابه وهو على الأولين جواب أي والله لتدخلن الخ وقوله تعالى (إن شاء الله) تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد أو للإشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت أو غيبة أو غير ذلك أو هي حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه سلم أو لما قاله عليه الصلاة والسلام لأصحابه (آمنين) حال لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله تعالى (محلقين رؤوسكم ومقصرين) أي محلقاً بعضكم ومقصراً آخرون آمنين فتكون متداخلة (لا تخافون) حال مؤكدة لتدخلن أو آمنين أو محلقين أو مقصرين أي لا تخافون بعد ذلك (فعلم ما لم تعلموا) عطف على صدق والمراد بعلمه تعالى العلم الفعلي المتعلق بأمر حادث بعد المعطوف عليه أي فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية إلى تقديم ما يشهد بالصدق علماً فعلياً (فجعل) لأجله (من دون ذلك) أي من دون تحقيق مصداق ما رآه من دخول المسجد الحرام (فتحاً قريباً) وهو فتح خيبر.