26 أكتوبر 2025

تسجيل

لمعادلة ربحية.. نحتاج لتفعيل العلاقات الخليجية - الأمريكية!

18 يونيو 2023

أنهيت مقالي السابق الأسبوع الماضي "سيستمر هذا الواقع للمستقبل المنظور، بتوجه دول مجلس التعاون بقيادة السعودية في منطقة الخليج للتعامل مع القوى الكبرى بالتعددية القطبية. وبالتالي هل نشهد نهاية مرحلة الأحادية القطبية الأمريكية. واقتراب حقبة التفرد الأمريكي في الأمن الخليجي من نهايتها؟ السؤال المهم: ما المطلوب أمريكياً لطمأنة الحلفاء الخليجيين لاستعادة الثقة والتعاون مع الحلفاء الخليجيين لأهمية بقاء وتفعيل العلاقات الاستراتيجية وإعادة تموضع العلاقة بين الطرفين لمعادلة رابح-رابح.اللافت في العلاقات الأمريكية - الخليجية حجم هوة الثقة بين الطرفين خلال العقدين الماضيين منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وحروب أمريكا الاستباقية وإسقاط نظام طالبان في أفغانستان ونظام صدام حسين في العراق. ما أخل بنظام توازن القوى لمصلحة إيران، وزاد من مأزق معضلة أمن الحلفاء الخليجيين، وأعقبتها أمريكا بمفاوضات سرية تتوج باتفاق نووي بين القوى الكبرى وإيران بين 2012-2015، دون إطلاع الحلفاء الخليجيين حتى مراحله الأخيرة. بعقد الرئيس (باراك أوباما) قمة أمريكية - خليجية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد ليحصل على الدعم الخليجي للاتفاق النووي في مايو 2015 قبل توقيع الاتفاق النووي بشهرين. وذلك رغم عدم تلبية الاتفاق النووي مطالب الحلفاء الخليجيين وأخذ مخاوفهم بعين الاعتبار حول برنامج إيران الصاروخي والباليستي الذي تستمر إيران بتطويره. وآخرها تجربة الحرس الثوري صاروخي خيبر بمدى 2000 كلم وفتّاح الفرط صوتي. وكذلك أنشطة إيران المزعزعة للأمن والاستقرار-ما دفع إيران للتفاخر بسيطرتها على أربع عواصم عربية. ويعمق الشرخ بين أمريكا وحلفائها تناقض التعهدات الأمريكية مع الواقع. ولم تعد تنفع وتجدي الزيارات والتصريحات المكررة للرؤساء والمسؤولين الأمريكيين حول الشراكة والتعاون والطمأنة الشفهية بالبقاء والالتزام بالتعاون الأمني. وآخرها كان زيارة الرئيس بايدن الصيف الماضي إلى السعودية، ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن الأسبوع الماضي إلى الرياض والوعود بالدعم ولالتزام بالحماية وإرسال مقاتلات استراتيجية وإجراء مناورات مشتركة كما شهدنا الأسبوع الماضي أيضاً. وغير واقعي وعقلاني ممارسة إدارة بايدن ضغوطا على دول خليجية وعربية للتطبيع مع إسرائيل برغم تطرف حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً وفاشية في تاريخ الاحتلال وتقويضه رؤية وخطط إدارة بايدن بتحقيق حل الدولتين التي تدمرها سياسة نتنياهو بتوسيع بناء المستوطنات غير الشرعية وتقويض صلاحيات المحكمة العليا والسلطة القضائية!. بينما نشهد ونتابع في الوقت نفسه مواقف أمريكا المتراجعة والمنكفئة عن المنطقة. كما يكرر الرؤساء الأمريكيون من أوباما حتى بايدن "الاستدارة نحو آسيا" لمواجهة الصين وآسيا وإعطاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ-Indo-Pacific- الأولوية في قائمة استراتيجيات الولايات المتحدة، حسب وثائق الدراسات الرسمية والأمنية والاستخباراتية الأمريكية في السنوات الماضية. بهدف احتواء وإعاقة صعود وتمدد الصين كمنافس ومهدد رئيسي للهيمنة الأمريكية عالمياً. والواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تشكيل أشبه ما يكون بـ (ناتو آسيوي) لاحتواء وحصار الصين كأولوية في الاستراتيجية الأمنية والدفاعية الأمريكية في شرق آسيا وعلى المستوى الدولي وذلك بتوسيع وتعزيز التحالفات الأمريكية في شرق آسيا وأوروبا. كما تحولت أولوية أمريكا لاحتواء مع حلفائها في الناتو تمرد ومغامرات وحرب روسيا على أوكرانيا، بخوض بوتين أعنف وأطول حرب في أوروبا، وسعيه لتغيير جغرافيا أوروبا بالقوة المسلحة بعد 78 عاماً من نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية والفاشية، و32 عاماً من هزيمة الشيوعية في الحرب الباردة. وكبح جماح مغامرات الرئيس الروسي بوتين بدءاً بحربه عام 2014 واحتلاله وضمه شبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا. ولكن التصعيد الأخطر كان عام 2022 بعد شن بوتين حربه المفتوحة والمستمرة واحتلاله وضمه 4 أقاليم في شرق أوكرانيا. ولا يزال يصفها بعد 16 شهراً-برغم الخسائر البشرية والعسكرية والاقتصادية المكلفة بـ "العملية العسكرية الخاصة".وشهدنا في الخريف الماضي تهديدا علنيا وغير مسبوق من الرئيس بايدن بمراجعة وإعادة تقييم الحسابات والعلاقات مع السعودية. بعد رفض مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا طلب إدارة بايدن خفض انتاج النفط، لخفض أسعار الوقود حتى لا ينتقم الناخب الأمريكي ويخسر الرئيس بايدن وحزبه الأغلبية في التجديد النصفي للكونغرس. وهو ما رفضته السعودية وروسيا والدول الأعضاء في تحالف أوبك بلس. بل ردوا بتخفيض الإنتاج بمليون ونصف برميل يومياً لخدمة مصالحهم. وهو ما فسرته إدارة بايدن ومعها نواب من الحزب الديمقراطي بالتدخل في شؤون الانتخابات الأمريكية. وتوعد بايدن علناً بالرد ومعاقبة السعودية وإعادة الحسابات وتقييم الشراكة. وطالب نواب بتجميد صفقات الأسلحة!. ردت السعودية حسب تسريبات Discord- نشرت مؤخراً في صحيفة واشنطن بوست عن تحذير ولي العهد السعودي برد مكلف اقتصاديا على أمريكا إذا نفذ الرئيس بايدن تهديده بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية. وهو ما لم يقم به بايدن. صارت العلاقات بين الولايات المتحدة والحلفاء الخليجيين أقرب إلى الندية وخاصة مع السعودية والإمارات وباتت أقرب إلى مصالحنا الخليجية تتقدم على مصالح الولايات المتحدة. وهذا الواقع على أمريكا التأقلم معه. وأثبتت حرب روسيا على أوكرانيا خطورة الأزمات الزاحفة وغير المتوقعة أهمية وجود بدائل كافية وموثوقة من الحلفاء الموثقين لتأمين نقص امدادات الطاقة من نفط وغاز وهو ما تقوم دول مجلس التعاون الخليجي الحلفاء الموثوقين بتوفيره بكلفة معقولة. بالإضافة لتحقيق الدول الخليجية أرباحاً وفوائض في ميرانياتها في معادلة ربحية للأطراف المعنية. وبالتالي، وبرغم تراجع احتياجات الولايات المتحدة للنفط والغاز الخليجي بعدما صارت الدولة الأولى المنتجة للنفط والغاز-لكن يبقى النفط الخليجي المصدر الرئيسي للطاقة ولنمو واستقرار الاقتصاد العالمي. ما يُبقي أهمية ومحورية دولنا الخليجية لفترة طويلة. كما أن المصالح طريق باتجاهين. هناك واقع جديد، لم تعد دولنا الخليجية شريكا هامشيا يمكن لواشنطن الإملاء علينا بما يخدم مصالحها، ولا يراعي مصالحنا وتعزيز أمننا واستقرارنا.