28 أكتوبر 2025

تسجيل

أجيال

18 يونيو 2018

كنت ذكرت، وذكر غيري من الكتاب، والمهتمين بفن الرواية، كثيرا، وفي محافل عدة، مثل المقالات المكتوبة، والحوارات واللقاءات المباشرة مع الجمهور، أن كتابة الرواية أصبحت في السنوات الأخيرة، تستسهل بدرجة لا تصدق، وأن كل من أراد أن يسمى مبدعا، كتب الرواية، دون غيرها من  فروع الإبداع الأخرى، مثل الشعر والقصة، بغض النظر إن كانت روايته حقا رواية، أم مجرد كلام بلا معنى ولا قضية ولا موهبة، وشخصيا تحدثت عما سميته يوم الكاتب، وهو اليوم الذي تقيمه عادة، دور النشر للكتاب حين يمولوا كتابتهم، بالمال، وذلك بإتاحة التوقيع في معارض الكتب، وسط الزهور والحلوى والابتسامات والأصدقاء، وهو بلا شك يوم بهيج جدا، ويشجع على إعادة الكرة، ما دام الشخص يستطيع تمويل نصه، وينشر مهما كانت وعكاته. هذا الكلام الذي ذكرته،  وأكرره، من غيرة على الكتابة كفن رفيع، وأمنيات عديدة أن يتحلى الكتاب الجدد بالصبر، ويلتحموا بتجارب من سبقوهم من الأجيال الأخرى، لعله فسر، قمعا للمواهب الجديدة، وتسلطا عليها، برغم أن كثيرا من الشباب الجدد، أثبتوا وجودا كبيرا، وفاقت مبيعات أعمال بعضهم، مبيعات أعمال كتاب كبار، لا تذكر الكتابة إلا ذكروا، والآن هناك من يسألني دائما عن هذا الموضوع، ومن ينسبه إلى الديكتاتورية المبدعة بلا وجه حق. في الحقيقة، كل ما يرد في الحوارات أو المقالات الصحفية للكاتب، يعبر أولا عن رأيه الشخصي، وثانيا عن قراءات استقاها بخبرة سنوات طويلة، وأوقات كثيرة قضاها في المتابعة، سواء بما يسعى هو للوصول إليه من كتابات حديثة، أو ما يصله من نتاج الأدباء الجدد باستمرار. وأي حديث في هذا الشأن، لا بد فيه استثناء لمبدعين حقيقيين ظهروا، وهذه حقيقة أن الأجيال كلها حتى حين كانت الكتابة عصية، والنشر صعبا جدا، وليس ثمة فضاء تتسكع فيه الخواطر، أو تسعى فيه الدعايات، ويمكن أن يتواجد فيه أصدقاء داعمون، كان هناك من يكتب بموهبة، وذكاء، ودراية كبيرة، ومن يكتب بلا أي موهبة، ولا دافع، وغصبا عن تطلعاته الأخرى التي غالبا بعيدة عن الكتابة.