10 سبتمبر 2025

تسجيل

لعلكم تتقون

18 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبدوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (21) ذكر الله تعالى في كتابه بداية سورة البقرة أقسام الناس وتحزبهم إلى ثلاث فرق: فرق مؤمنة به محافظة على ما فيه من الشرائع والأحكام. وكافرة قد نبذته وراء ظهرها بالمجاهرة والشقاق. وأخرى مذبذبة بينهما بالمخادعة والنفاق وهم المنافقون. ونعت كل فرقة منها بما لها من النعوت والأحوال. وبين ما لهم من المصير والمآل. أقبل عليهم بالخطاب على نهج الالتفات هزاً لهم إلى الإصغاء. وتوجيها لقلوبهم نحو التلقي. وجبرا لما في العبادة من الكلفة بلذة الخطاب. فأمرهم كافة بعبادته ونهاهم عن الإشراك به و{يا أيها الناس اعبدوا ربكم} الياء حرف وضع لنداء البعيد. وقد ينادى به القريب تنزيلا له منزلة البعيد إما إجلالا كما في قول الداعي يا الله ويا رب وهو أقرب إليه من حبل الوريد استقصارا لنفسه واستبعادا لها من محافل الزلفى ومنازل المقربين. وإما تنبيها على غفلته وسوء فهمه. وقد يقصد به التنبيه على أن ما يعقبه أمر خطير يعتنى بشأنه. وقد كثر هذا النداء في التنزيل المجيد للتنبيه على العباد على أن كل ما نزل من الأحكام والشرائع وغير ذلك خطوب جليلة خليقة بأن تقشعر منها الجلود وتطمئن بها القلوب الآيبة، ويتلقونها بآذان واعية وأكثرهم عنها غافلون. فاقتضى الحال المبالغة والتأكيد في الإيقاظ والتنبيه. والمراد بالناس كافة المكلفين الموجودين في ذلك العصر. وأما من عداهم ممن سيوجد منهم فغير داخلين في خطاب المشافهة. وإنما دخولهم تحت حكمه لما تواتر من دينه (صلى الله عليه وسلم) ضرورة أن مقتضى خطابه وأحكامه شامل للموجودين من المكلفين. ولمن سيوجد منهم إلى قيام الساعة. ولا يقدح في العموم ما روي عن علقمة والحسن البصري من أن كل ما نزل فيه {يا أيها الناس} فهو مكي. إذ ليس من ضرورة نزوله بمكة – شرفها الله تعالى – اختصاص حكمه بأهلها ولا من قضية اختصاصه بهم اختصاصه بالكفار إذ لم يكن كل أهلها حينئذ كفرة. ولا ضير في تحقيق العبادة والثبات عليها والزيادة فيها مع أنها متكررة حسب تكرر أسبابها. ولا في انتفاء شرطها في الآخرين منهم أعني الإيمان. لأن الأمر بها منتظم للأمر بما تم به وقد علم من الدين ضرورة اشتراطها به. فإن أمر المحدث بالصلاة مستتبع لأمر بالتوضي لا محالة. وقد قيل المراد بالعبادة ما يعم أفعال القلب أيضا لما أنها عبارة عن غاية التذلل والخضوع. وروي عن ابن عباس {رضى الله عنهما}: أن كل ما ورد في القرآن من العبادات فمعناها التوحيد. وقيل: اعبدوا وحدوا وأطيعوا. (الذي خلقكم) والخلق إيجاد الشيء على تقدير واستواء (والذين من قبلكم) متمم لما قصد من التعظيم والتعليل فإن خلق أصولهم من موجبات العبادة كخلق أنفسهم أي كانوا من زمان قبل زمانكم. وقيل خلقهم من قبل خلقكم. والمراد من تقدمهم من الأمم السالفة كافة ومن ضرورة عموم الخطاب بيان شمول خلقه تعالى للكل. (لعلكم تتقون) المعنى الوضعي لكلمة لعل هو إنشاء توقع أمر متردد بين الوقوع وعدمه مع رجحان الأول إما محبوب فيسمى ترجيا أو مكروه فيسمى إشفاقا. وذلك المعنى قد يعتبر تحققه بالفعل إما من جهة المتكلم كما في قولك لعل الله يرحمني. وإما من جهة المخاطب تنزيلا له منزلة المتكلم في التلبس التام بالكلام الجاري بينهما كما في قوله سبحانه {فقولا له قولًا لينًا لعله يتذكر أو يخشى} وقد يعتبر تحققه بالقوة بضرب من التجوز إيذانا بأن ذلك الأمر في نفسه مئنة للتوقع. وإيثار {تتقون} على تعبدون مع موافقته لقوله تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} للمبالغة في إيجاب العبادة والتشديد في إلزامها.