30 أكتوبر 2025
تسجيلكثيرة هي تلك المرات التي قرعنا فيها أبواب العلاقات الإنسانية؛ بحثاً عن حلول مناسبة لتلك الأزمات التي يتصاعد معها النفور من الآخرين، وتنكمش معها فرص التوافق والتأقلم معهم، وهو ما يكون منا حرصاً على الخروج بما يمكن أن يجعل الحياة ناجحة وبأقل تقدير، والحق أني قد وجهت قلمي كمجهود شخصي نحو العلاقات الإنسانية ضمن قالب العمل؛ ليتم تسليط الضوء على طبيعة تلك العلاقات، والتعرف على مدى تأثير نجاحها على جودة العمل، وتحديداً ذاك القائم بين الموظف وزميله الموظف، من حيث أنه العنصر الذي يؤثر على جودة الإنتاج العام، الذي ينصب وبشكل عام في قالب يخدم الجميع وسيخدم الجميع متى تمكنا من المحافظة على وجه التعامل بين هذه الأطراف المعنية، دون أن يتعرض لأي ضرر يمكن أن يلحق به، ويتسبب له بما يمكن أن يجعله قبيحاً لا يمكن النظر إليه؛ ليصبح الوضع صعباً للغاية يحملنا على التعامل وبشكل سريع يجري بعيداً وبكل ما يمكله من طاقة؛ كي يتجنب أي نوع من التواصل يمكن أن يحمله على مد تلك العلاقة بكل ما تستحقه من احترام، لابد أن تشهده كل العلاقات الإنسانية وتحت أي ظرف من الظروف؛ كي تنجح ونخرج منها بما يفي بالغرض الذي يدركه صاحبه دون غيره، ويمكنه أن يوجه الأمور نحو الأفضل وهو المراد دوماً في كل شيء. لقد ذكرت فيما ذكرت أنه قد سبق لقلمي أن توجه نحو العلاقات الإنسانية وكيفية المحافظة عليها، وتحديداً تلك التي تربط الموظف بزميله الموظف ضمن إطار عملي، يحسب البعض أنه (أي ذاك الإطار) لا يمت للحياة العامة بصلة وما يحتويه من علاقات هي في الأصل متشعبة من الحياة، ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بها، يؤثر على النفس، ويمكن أن يكون سبباً صريحاً من أسباب سعادتها أو تعاستها، والدليل هي تلك القصص التي نسمعها بين الحين والآخر عن المتاعب التي يعاني منها بعض الأفراد؛ بسبب سوء إدارة تلك العلاقات، وتفاقم المشاكل البسيطة الناجمة عن الخلافات، التي وللأسف لا يُقدر حجمها بشكل سليم حتى تنمو وتكبر وتأخذ حجماً أكبر من حجمها، ومن ثم تقضي على كل فرصة للإصلاح وتحويل مسار الأوضاع للأفضل؛ لينتهي الأمر حتى من قبل أن يبدأ بعداوات لا ولن تنجب سوى الكثير من الأضرار، التي يمكن أن تُكبح متى تم تفادي الوضع بدراسته، وبتحديد أسباب الخلاف، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة، التي يمكنها إخماد نيران ذاك الخلاف قبل أن تبتلع كل ما حولها، ولقد سبق لي أن تقدمت بحل وهو طرح دورات تدريبية تعين على تنمية وتطوير الموظف، الذي يجدر به أن يُدرك أولاً أنه يستطيع تطوير ذاته حتى آخر لحظة من لحظات حياته، مُجمداً ذاك الاعتقاد السخيف الذي يجعله يشعر بأن الأوان قد فات، وأن الأمر لا يستحق منه المحاولة، أو حتى تقبل من يحاول من أجله ومن أجل تحسين الأوضاع، حيث أن هذا الاعتقاد يقف وبكل وحشية أمام فرص الإصلاح؛ ليُقلل من شأنها، ويُشكك بقدرتها على تحقيق ما تريده، مما يعني أننا لن نخرج بفائدة ما لم يساهم ذاك الموظف بتركيزه معنا، والتعرف على واجبه قبل أن يبحث عن حقه، الذي ولربما لا يدركه جيداً، وينتظر من يتقدم إليه؛ ليُعرفه به، وهو ما يمكن أن يحدث ولكن بحضور فرصة ضئيلة لربما لن تحضر؛ لأنها تخجل من نفسها، وتشك بقدرتها على فعل ذلك؛ لتبلغنا وبكلمات أخرى هذه الحقيقة المُرة (لربما سيتحقق ذلك يوماً ما) وبمعنى آخر Forget about it. إن الجديد الذي يزيد على هذا الموضوع أن الأمر لا يقف على الموظف وحده وإن كان الأساس الذي يقوم على رأسه الموضوع برمته وذلك؛ لأن الأمر وإن كان يحتاج لإدارة ذاتية داخلية تبدأ منه، فهو يحتاج وفي المقابل لإدارة خارجية مصدرها مديره، الذي يحتاج هو الآخر إلى دورات تُنمي ذاته وتطورها؛ ليدرك كيفية التعامل مع الموظف، وبشكل يحفظ له كرامته، ويُقدره حق قدره؛ كي يُعطي، ويُبدع بشكل مُشرف سينعكس بإيجابياته على الموظف وعلى الإدارة بكاملها؛ ليمتد ذاك الإبداع حتى يصل إلى المجتمع الذي يجمعنا من حوله، ويتميز بما نقدمه ونتقدم به من إبداعات يعتمد سر نجاحها علينا كأفراد، لابد أن لا يغفل أي واحد منا دوره فيها؛ كي نُسلم الحقوق كما هي ونستلمها وفي المقابل كما نريدها نحن. حقيقة لابد منها بلوغ أعلى المناصب، وتولي الكثير من المهام، والكرسي الذي يمثل الكثير لكثير من الأفراد، هي تلك الأمور التي لا ولن تجعل من المدير مديراً، ما لم يدرك عِظم المهمة التي يتحملها بمباشرته لعمل يتطلب الإبداع بالتوجيه؛ لتوجيه الإبداع، حيث أن مرتبة كتلك لا يجدر أن يصل إليها من لا يدرك أصول اللعبة، ولكن من يدرك بأن الأساس الذي يستند إليه في عمله هو تقدير حجم مسؤولياته التي تبدأ بُحسن الإدارة. وأخيراً إن ما تفعله بحياتك يترجم طبيعة إدارتك لذاتك، التي لا تحتاج إلى توجيه خارجي لكل ما يحدث في الداخل، ولكن إلى توجيهك الداخلي الذي يدرك كيفية تنظيم الأمور؛ كي تكون معك وتعينك على تحقيق كل ما تريده لك، وكل ما ترغب به، وهو ما يتطلب منك ومن جديد حُسن إدارتك لذاتك، قبل أن يتولى هذه المهمة غيرك، فتصبح ما لا تريد أن تكون عليه يوماً، والحق أنك وكي تتجنب ذلك، فما عليك سوى التمسك بحقك من الإدارة؛ لإدارة ما يتوجب عليك إدارته، فوحدك من يستحق ذلك، وحتى تحققه نسأل الله التوفيق للجميع، والرحمة لك يا أبي.