12 سبتمبر 2025

تسجيل

الأمومة ذات وجه واحد

18 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وأنا في طريقي للعمل صباحا، كثيرا ما يلفت انتباهي منظر أُم (غربيّة ) تقطع الشارع لإيصال أبنائها. واللافت في الموضوع هنا أن الدقائق المعدودة التي قُطع فيها الشارع لم تخلُ من توجيهات وتوصيات تبدو واضحة لمن يتأملها. وسبق أن رأيت أُما أخرى تودع أبناءها عند باب مدرستهم وتقبلهم وتحتضنهم. وفي كل ذلك كانت ذاكرتي تستدعي أمهات لا يكلفن أنفسهن القيام بالاطمئنان على ملابس أبنائهن أو مشاركتهم إفطارهم.وبالطبع ليس المقصود من ذلك تعميم هذه الصفة على الغربيات دون العربيات، ولكن المدقق سيلحظ العناية القصوى للأم الغربية بأبنائها، وحرصها على أن تلازمهم في جميع خطواتهم، في حين أن كثيرا من الأمهات العربيات، لا يحظى أبناؤهن بمثل هذه الرعاية أو ذلك الاهتمام.وللمدقق أن يذهب في زيارة إلى مراكز الترفيه، ويقارن كما يشاء، وحينها سيسجل اختلافا كبيرا بين تعامل العربية مع أبنائها وتعامل الأخرى، وقد يلحظ أن المرأة الغربية تشارك أبناءها اللعب والرسم والتلوين، في حين أن العربية ربما اكتفت بالمراقبة عن بعد، أو بإرسال الأطفال مع الخادمة التي ربما لا تتورع عن معاملة الأبناء معاملة سيئة، ولا تسمع منها سوى الصوت العالي، والجر من الثياب، بل وحتى الشتم بطريقة مهينة ومخزية.والسؤال المطروح هو: لماذا تتسم الأم الغربية بمثل هذا الاندماج في حياة أبنائها؟ ولماذا هذا الفرق بيننا وبينهن والأمومة هي الأمومة، ذات وجه واحد ومشاعر واحدة؟وللإجابة عن ذلك، فإن الموضوع يحتاج أولا إلى الاعتراف بوجود هذه الفئة من الأمهات، وعدم التعالي عن الحقيقة الواضحة، ويحتاج ثانيا إلى بحث دقيق مفصل عن هذه الفروق الشاسعة في التعاطي مع عاطفة الأمومة التي بدت في مجتمعاتنا أشبه بواجب ثقيل، وثالثا إلى تحرك مجتمعي لتغيير الصورة الذهنية للعلاقة بين الأم وأبنائها ما دامت العاطفة قد أصبحت عاجزة عن تغيير هذه الصورة.إن من المؤلم حقا أن تقتصر علاقة الأم بأبنائها على المراقبة من بعيد، والاهتمام بالمظاهر التي لا تنفع، وتجاهُل ما ينفع من أسس علاقة الأم بأبنائها، كالاقتراب منهم جسديا، وإشباع عاطفتهم قبل إشباع أجسادهم، ومحاورتهم، وتفهم احتياجاتهم ونفسياتهم، وتعويدهم البوح بما يربك حياتهم، والأهم من ذلك كله إشعارهم بأنهم الأَولى بالاهتمام في المؤسسة الأسرية.كم تخسر تلك الأم من لحظات جميلة حين لا تشارك أبناءها تفاصيل حياتهم بكل سطحيتها أو بعمقها الخفي! وكم يخسر الأبناء حين يعيشون تحت ظل أم قبلت مبدأ الخسارة في أهم وأغلى ماتملك، وإلى متى سيظل الفرق بيننا وبين العالم الغربي شاسعا حتى فيما هو في متناول اليد؟