11 سبتمبر 2025

تسجيل

الإبداع المشوّه

11 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من يدخل عالم القصة والرواية والأدب بشكل عام، فسيكتشف عالما آخر قادرا على أن ينقلك لأجواء أخرى، عالما أشبه بالمستحيل أحيانا، وعلى الرغم من ذلك فأنت تعيشه وتقتنع به، وربما حاولت أن تصنع مثيله في حياتك.ولأسلوب القص تأثير عجيب خاصة إذا كانت تلك القصص والحكايات مليئة بالمُثل والقيم والمبادئ العليا، ولا أدل على ذلك من ظهوره في القرآن الكريم بشكل واضح. ولكن ماذا يحدث إذا امتلأت تلك القصص الجميلة والروايات المدهشة بالأخطاء النحوية والإملائية والأسلوبية؟!للأسف فإن الملاحظ على أغلب هذه الأعمال كثرة الأخطاء اللغوية التي قد تؤثر تأثيرا مباشرا في المعنى، فالفاعل المنصوب والمفعول المرفوع وما شابه هذا من أخطاء إنما هي جريمة في حق المعنى، وتضييع لكل جهد بُذل في تلك الأعمال، وذلك أن المعنى مطلبٌ أساس، ومتى أُربك القارئ فقد العمل بريقه، وليت شعري لماذا لا تُعرض مثل هذه الأعمال للتدقيق اللغوي قبل طباعتها وخروجها للأسواق؟ مع أن هذه المسألة سهلة جدا، وليست مكلفة.إن التأثير على القارئ وجذبه والسيطرة على مشاعره بما تتضمن تك الأعمال من صور متخيلة، أو رمزية مقصودة، أو حبكة مجتهد فيها، كل هذا يمكن أن يضيع بضياع اللغة، وذلك لأن اللغة هي أداة التأثير الأولى، ولا يمكن أن يوسم عمل بالروعة والإتقان دون أن يتضمن لغة سليمة قادرة على توصيل الفكرة وتوضيح المعنى. والصواب والخطأ درجة دنيا من درجات تأثير اللغة، تتلوها درجة تأثير أخرى هي درجة بلاغة التراكيب، وحسن توظيفها في السياقات المتعددة، بحيث تؤدي دورها من الإفادة مضافا إليه دورها في البلاغة والجمال اللغوي. فكيف يمكن أن نصل بالأعمال الأدبية إلى هذه اللغة الفنية العالية ذات التراكيب البلاغية المنسجمة مع سياقاتها وقد فقدنا الحد الأدنى من اللغة المقبولة المؤدية دورها في الإفهام؟!كما أن هذا الاستعجال لنشر الأعمال الأدبية دون تدقيق لغوي محكم يتضمن أشكالا من الإساءة، أولها الإساءة للأديب نفسه، فيتحول عمله الأدبي من إنجاز يسجل له إلى شاهد على عدم تمكنه من لغته التي هي المقوم الأساس من مقومات الأدب الرائع.أما الثانية، فهي الإساءة إلى اللغة العربية ذاتها الناتجة عن الاستهتار بقوانينها وأساسات بنائها. وأما الثالثة فهي الإساءة للوطن، حيث تسجل تلك الأعمال الأدبية في إرث الوطن، وقد تسافر للمشاركة في المعارض الأدبية الدولية مسجِّلة إضافة للأدب الوطني، فأي إضافة تلك التي يُرفع فيها المفعول ويُنصب الفاعل؟!لا يعيب الأديب، ولا يقلل من قدره أن يجتهد في تقوية نفسه لغويا قبل الخوض في كتابة عمله الأدبي، أو الدفع به لأحد المتخصصين لضبط جمله وتعديل تراكيبه بما يضمن تقديم عمل محكم لا يسيء لصاحبه، ولا يسيء لمثقفي وطنه حين يحسب عليهم.