14 سبتمبر 2025

تسجيل

حين يكون القريب هو العدو

18 مايو 2013

الحياة كسفينة لابد وأن تبحر بنا نحو بر الأمان، الذي وكي نصل إليه فنحن بحاجة إلى تكاتف كل من تحمله تلك السفينة على ظهرها، دون أن تتفق عليهم أسباب الفراق؛ لتعبث بهم وتبعثرهم بفضل خلافات متى فسحنا لها المجال، شقت طريقها إلينا، ووجدت لنفسها مكاناً بيننا تباشر من خلاله أعمالها غير المشروعة، التي تمزج بين الكره والحقد وكل ما يمكن بأن يحركه الغضب، الذي يُصيب القلب بضرر جسيم يحوله لضرير عاجز عن رؤية الحقيقة، وهي أن ما يجمعه بغيره من أفراد بيته أقوى بكثير من تلك الخلافات، التي تعيش كلما فقد الترابط وعيه، وغاب التفاهم، ومات الحب، وتلاشى حضوره، وأعلن البيت الحداد على كل ما فقده؛ بسبب معارك لم ترحم أي أحد، والأصل أنها قد وقعت بعد أن عبثت الحروف بالحروف وتحولت كلمة (أقارب) إلى (عقارب)؛ لتترجم الحال، وتعبر عن الوضع الذي وُضع فيه كل من جرب معايشة تلك المأساة الحقيقية، التي تطل على كل من لم يدرك خطرها منذ البداية، ولكنه فعل بعد أن تحولت حياته لجحيم، لا يستطيع الفرار منه إلى بيته؛ لأنه بيته من الأصل، ويحتاج إلى بذل الكثير من الجهد؛ كي تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، وإلى التمتع بكثير من الصبر والتحمل؛ كي يتحقق المراد، فإن خرق هذه الشروط اخترقت التعاسة حياته، وصارت دون قيمة تجعله يتمسك بها، وهو الوضع الذي سيهدد راحة باله، حتى يعود إلى المسار الصحيح، أو يجد من يحثه على ذلك وبإلحاح شديد؛ كي يفعل، وبما أن مهمة الزاوية الثالثة تستند إلى هذه الخطوة الأخيرة، يدفعها نحو ذلك هدفها الذي تسعى إلى تحقيقه ويقوم على بث ثقافة الإصلاح والتغيير للأفضل في المجتمع، فلقد رأينا ضرورة طرح هذا الموضوع؛ لمناقشة الأسباب التي يمكن أن تجعل من قريبك عدوك الأول، والنتائج التي ستنجبها تلك العداوة، والوضع الذي يمكن بأن يمر به كل من يعيش تلك المعاناة. *من همسات الزاوية الخلافات التي تنجم في البيت الواحد أمر مشروع، ولاشك في أن كل أسرة تواجه هذا الشيء مع أفرادها، وتظل الهموم والمشاكل هي ذاتها غير أن ما سيختلف هو الأسلوب الذي ستُعالج به كل تلك الهموم والمشكلات، حيث إن هذا التعاطي هو ما سيُحدث فرقاً شاسعاً سيتحكم بحجم ما سيحدث لاحقاً من خير أو شر، ونفع أو ضرر، سيلحق بكل الأفراد ما لم تتم المبادرة بمعالجة الوضع في ذات الحين؛ لتجنب عناء كل تلك المشقة، التي لا نرغب فيها لك. إن العداوة التي تبدأ من البيت وبين أفراده، أصعب من العداوات التي نحصدها خارج البيت وذلك؛ لأنها تهتك عرض العلاقات التي تجمع الأفراد ببعضهم البعض، وتعبث بهم، وقد تُقسمهم لأحزاب داخل البيت الواحد، سيواجهون الكثير من الصراعات والنزاعات، التي ستبدأ ولن تنتهي بسهولة حتى تجد من يكف شرها عن الجميع، وهو ما يمكن بأن تحققه أنت حين تدرك أن ما تفعله لا يمت للصواب بصلة، خاصة أن كل ما ستخرج به لن يتجاوز حدود تعذيبك لنفسك ولكل من حولك، بتجاهلك لكل القيم التي غُرست فيك، والتي تحتاج منك إلى الكثير من الصبر والتحمل يقابله الكثير من التفهم والتعقل؛ كي تختبر حياة أجمل وأفضل بإذن الله تعالى.