18 سبتمبر 2025

تسجيل

من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير

18 مايو 2011

الناس أمام القدر صنفان: عاجز يرمى باخطائه وما قدمته يداه من تقصير وسوء تدبير على القدر، فما رسوبه فى دراسته إلا لأن القدر أراد، وما عجزه عن العمل مع الاستطاعة عليه إلا تنفيذا لحكم القضاء! وصار القضاء القدر الإجابة السهلة المحببة إلى هؤلاء الكسالى، بينما المؤمن القوى هو الذى يعتقد من داخله أنه قضاء الله النافذ وقدره، وهذا ما يحمله على مزيد العمل والاجتهاد كما قال شاعر الإسلام محمد إقبال:" المؤمن القوى هو الذى يدعى أنه قضاء الله الذى لا يرد وقدره الذى لا يدفع " وهذا يجعله مستعينا بالله متوكلا عليه، لا يعرف العجز ولا يستسلم له، رأى النبى صلى الله عليه وسلم، رجلين يختصمان ويتصارعان، فغلب أحدهما الآخر، فقال المغلوب: حسبى الله. فقال النبى صلى الله عليه وسلم، مُنكرا عليه: "إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكَيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبى الله ونعم الوكيل"، لا تقل حسبى الله قولة العاجز، ولكن قُلها عندما تنفد أمامك الحِيل، وتُستنفذ كل الوسائل. ولقد تعلم المسلمون هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا فى الأرض ولم يرهبهم عدو ولا يثنيهم مثبط، لأنهم كانوا يعتقدون أنهم قدر الله، قال أحد قُوَّاد الفُرس لأحد المسلمين يوما: من أنتم؟ فقال له: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم فى سحابة لهبطتم إلينا أو لصعدنا إليكم. نحن قدر الله، هكذا يعتقد المؤمن... إن بعض المستسلمين يعيش على ليت وعسى، ولا يقدم لدينه ولا لنفسه ما يحسن أن يكون نموذجا صالحا للحياة ليت شعرى وأين منى (ليتٌ) إن (ليتًا) وإن (لوًّا) عناءُ وليس ذلك هو المطلوب من المؤمن الصحيح، بل العكس وعدم الاستسلام هو المرجو منه إذ فهم الإسلام صحيحا، فإن أبعد الناس عن الاستسلام المؤمن... الذى قوى يقينه بربه، وآمن بقضائه وقدره، فلا يُسلم نفسه فريسة للماضى وأحداثه، بل يعتقد أنه قضاء الله، وكان لا بد أن ينفُذ، وما أصابه من قضاء الله لا يقابل بغير الرضا والتسليم، ثم يقول ما قال الشاعر: سبقتْ مقاديرُ الإلهِ وحُكمِهِ فأرحْ فؤادَك من (لعلَّ) ومن (لو) أو ما قال الاخر: ولستُ براجعٍ ما فاتَ منِّي بلهفٍ ولا بليتَ ولا لو أنِّي إنه يفعل ما عليه مستفرغا جهده البشرى ثم إذا حدث بعد استفراغه الجهد ما يبتلى المرء به لا تراه جزعا ولا متسخطا، بل مسلما لله ومستسلما له، لأنه على يقين بأن مصائب الدنيا فيها الخير للمسلم لو تفهمها كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد:22،23]. وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن".