23 سبتمبر 2025
تسجيلفي كتابه (Peace Is Every Step) يسرد الفيتنامي (تك نات هان)، قصة عن نهرٍ، بدأ حياته راقصاً ومغنياً بين الجبال. وعندما نزل إلى الأودية، أبطأ النهر وبدأ في التفكير في الذهاب إلى المحيط. وفي يومٍ ما، لاحظ النهر الغيوم المبعثرة في السماء. غيوم بكل الأشكال.. زهور.. فيلة.. أحصنة.. بيوت.. ومن بعدها لم يفعل النهر أي شيء سوى ملاحقة الغيوم. أراد النهر أن يتملك الغيوم، ولكن الغيوم كانت تطفو وتسافر عبر السماء ودائماً ما كانت تتغير أشكالها. وبسبب طبيعة الغيوم المتحولة عانى النهر كثيراً. أصبح نهرا بائسا وهو يطارد الغيوم. وفي يوم من الأيام، هبت ريح قوية أفرغت السماء من الغيوم. فكر النهر بأن الحياة لا تستحق العيش بعد الآن، فلا توجد غيوم ليلاحقها، ولكن في تلك الليلة، وفي خضم حزن النهر، رأى النهر نفسه للمرة الأولى. كان النهر يركض طويلاً خلف شيء ما خارجه إلى درجة أنه لم ير نفسه من الداخل أبداً. وعندما نظر النهر في داخله. سمع صوته ورأى نفسه. واكتشف أن الغيوم مُكونة من الماء وتعود إلى الماء! وهو نفسه ماء! وفي اليوم التالي، عندما أشرقت الشمس، اكتشف النهر شيئاً جميلاً. السماء الزرقاء، والتي لم يلاحظها من قبل بسبب تركيزه على الغيوم! وعندما تكونت الغيوم في تلك الظهيرة، رحب النهر بها بكل حب، دون أن تعتريه الرغبة في تملكها. وفي المساء، عندما استقبل النهر السماء بكل لطافة، لاحظ النهر انعكاس صورة القمر عليه!. في نهاية القصة، وضع النهر القمر في قلبه، وأمسك بيد الشمس والغيوم، ومشى ببطء نحو المحيط. كل شيء نبحث عنه في الخارج. هو في داخلنا، وإن لم نكن نعرف ذلك بعد. الكاتب هو كاتب، وإن لم يحصل على الشهرة التي يطمح إليها. رجل الأعمال يبقى رجل أعمال وإن لم يتحصل على الثروة التي يطمح إليها بعد. الممثل هو ممثل وإن لم يحصل على الدور الذي تقدم له. الفنان التشكيلي هو فنان تشكيلي وإن لم يحصل على الاستوديو الكبير الذي يحلم به. الطبيب هو طبيب وإن لم يمارس الطب في المستشفى أو المدينة التي يتطلع إلى سُكناها. الأمور المهمة في دواخلنا ليست في الخارج. ولكي نعرف ما هو المهم يجب أن ننظر في الداخل أولاً لا إلى الخارج. يجب أن تكون نظرتنا من الداخل أولاً لا إلى الخارج. فالإنسان سيصل إلى مبتغاه في النهاية، ولكنها ستكون عبر طريقتين. الأولى أن يصل وهو بائس ومتحامل على الناس والدنيا، والثانية أن يصل وهو مرتاح وسعيد وراضٍ عن نفسه وغيره. فأي الطرق تُفضلون؟. النهر لم يطمئن إلا بعد أن نظر إلى نفسه. بعد أن فهم بأن كل شيء يبحث عنه في الخارج. هو في داخله. عندها سهُلت حياته صاحب الغيوم والسماء والقمر، وارتاح في اكتشافه لنفسه! عندها عرف ماذا يريد تماماً وعرف كيفية الوصول إليه. وهذا ما يستطيع أياً منا فعله. لا تبحثوا عن أنفسكم في الخارج وفي العالم من حولكم. كل ما تبحثون عنه موجود لديكم. في داخلكم.. في أرواحكم.. في خلوتكم.. في عقولكم! وما إن تفهموا ذلك، وتصلوا إليه. حتى ستتجه حياتكم إلى ما تريدونه حقاً بكل سهولة وسلاسة كحركة الغيمة في السماء!.