10 سبتمبر 2025

تسجيل

الأصل غلاب

18 أبريل 2023

سوء الخُلق لا يُبرر على أي حال، وفساد المسلك لا يُعلل بأي سبب! لأن الأخلاق عندما تكون (أصيلة) فإنها تصبح راسخة متمكنة، قوية كشجرة باسقة أصلها ثابت وفرعها في السماء، لا تتغير بتغير الزمان ولا بتلون المواقف ولا تعاقب التحولات. ولا بتبدل الظروف ولا برفعة المقامات أو انخفاضها، ولا باختلاف التعاملات مع البسطاء أو الوجهاء، مع من سخرك الله تحت إمرتهم، أو مع من سخرهم الله لك تحت طوعك. فالأصيل في خلقه يبقى أصيلاً ثابت المسلك مع الجميع وعلى أي حال ومع أي مقام، حتى وإن جارت عليه الدنيا وانقلبت الظروف، وساء الحال والبال. كما قيل: إن الكرام وإن ضاقت معيشتهم دامت فضيلتهم والأصل غلابُ لذلك فإن من يجد أن الطيبة ضعف، أو أن التغافل حُمق، أو أن الإكرام سذاجة، أو أن الصدق لا يُمارس إلا مع عشيرته أو بني جنسه وجلدته، وأن الاحترام لا يحق إلا لمن كان على دينه ومذهبه أو لمن علاه مكانةً ومقاماً، أو أن حُسن الخلق مرتكز على حُسن مزاجه، وطيب انفعاله وراحة باله، واستقرار وجدانه. فإن في أخلاقه (نظر)، وفي سلوكه (ارتياب)، لا تُؤمن بوائقه، ولا يُركن إليه. لأن أخلاقه ليست (حقيقية) فهي متغيرة بتغير الأهواء، ومتبدلة بتبدل الأوضاع. أما من يمتلك (أصالة الخلق) فيبقى معدنه أصيلاً، لا تغيره الأحوال ولا الأماكن ولا الأشخاص ولا الأوقات ولا نوائب الدهر ولا جور الزمن. لذلك ورد في الحديث الشريف: (خياركم في الجاهلية، خياركم في الإسلام). *لحظة إدراك: كرامة الأخلاق من أصالتها، وعميق تجذرها، ولا يكون ذلك إلا لمن ألف مقام العزة والنخوة والإباء، وترفعت نفسه عن دنايا الأقوال والأفعال وعن فضول الأطماع وتبدل النزعات، من سلمت نفسه من ميل الأهواء وتقلبات الأمزجة، من كمل عقله، وظهرت حكمته وألجم نفسه بحُر إرادته، حتى أصبح الخلق الكريم طبعه وشيمته وديدنه.