19 سبتمبر 2025
تسجيلتسيطر دول مجلس التعاون الخليجي على نسب مؤثرة من الموارد النفطية سواء النفط أو الغاز بالنسبة للإنتاج والاحتياطي الأمر الذي يشكل مصدر استقرار للدول المستهلكة. ومرد الحديث عن هذا الموضوع الحيوي ما جاء في تقرير حديث لبنك قطر الوطني وكابيتال والذي قدر القيمة المالية لمخزون النفط والغاز لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي بنحو 65 تريليون دولار أو 65 ألف مليار دولار استنادا لمتوسط الأسعار السائدة في الأسواق العالمية في الوقت الحاضر. يعد هذا الرقم كبيرا كونه يساوي 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فضلا عن 47 مرة عن حجم الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي. ولتقريب الرقم بشكل أكثر، تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 14 تريليون دولار مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر على الإطلاق في العالم. ولغرض المقارنة، تزيد قيمة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية قليلا عن نصف تريليون دولار مع التأكيد على أن الاقتصاد السعودي هو الأكبر خليجيا وعربيا بلا منازع. وحسب التقرير نفسه، يبلغ مخزون دول مجلس التعاون الخليجي من النفط قرابة 500 مليار برميل أي 36 في المائة من مخزون النفط العالمي. وحدها، تستحوذ السعودية على نصف هذا المخزون الأمر الذي يفسر جانب من الأهمية النسبية للسعودية في الاقتصاد العالمي. يتناسب ما جاء في تقرير البنك القطري مع إحصاءات التقرير الدوري للطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية والذي بدوره يشير إلى تمتع السعودية بمخزون نفطي قدره 265 مليار برميل وبالتالي 19 في المائة من المخزون العالمي للنفط. وبالنسبة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي، تستحوذ كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة على 7.3 في المائة و7.1 في المائة من الاحتياطي النفطي العالمي على التوالي. بدورها، تستحوذ قطر على 1.9 في المائة فعمان بنسبة 0.4 في المائة من المخزون العالمي. وبنظرة شمولية، تأتي فنزويلا في المرتبة الثانية دوليا عبر استحواذها على قرابة 15 في المائة من المخزون العالمي للنفط. أما روسيا والتي تحتل المرتبة الأولى دوليا من حيث الإنتاج النفطي فتسيطر على قرابة 6 في المائة فقط من المخزون النفطي المكتشف. كما تبلغ نسبة المخزون النفطي للولايات المتحدة 2.2 في المائة من الاحتياطي المكتشف وهو ما يفسر جانب من استمرار اعتمادها على النفط المستورد خصوصا من الشرق الأوسط وعلى الأخص مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي ينعكس على سياساتها وتوجهاتها بخصوص المنطقة. وفيما يخص الإنتاج النفطي، تعتبر السعودية ثاني أكبر منتج نفطي في العالم عبر إنتاجها نحو 10 ملايين من النفط الخام يوميا أي قرابة 12 في المائة من الإنتاج العالمي. أما مساهمة باقي دول مجلس التعاون الخليجي فعبارة عن 3.3 في المائة للإمارات و3.1 في المائة للكويت و1.7 في المائة لقطر و1 في المائة لعمان وهي نسب مؤثرة في المجموع. بدورها، تساهم روسيا بنحو 13 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي يتم تخصيص نسبة كبيرة منها للاستهلاك المحلي. لكن تتميز السعودية بميزة والتي هي عبارة عن أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم فضلا عن تمتعها بقدرة تعزيز الإنتاج متى ما كان ضروريا. وفي هذا الصدد، يعتقد بأن لدى السعودية القدرة على رفع مستوى الإنتاج إلى حوالي 12 مليون برميل يوميا ما يجعلها في مقدمة الدول التي تتمتع بقدرة تعويض أسواق النفط العالمية. وقد تجلي هذا واضحا في العام 2011 عند حصول تذبذب لمستوى إنتاج النفط الليبي خلال الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.إضافة إلى النفط الخام، تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على حصص مؤثرة فيما يخص الغاز الطبيعي بنحو 42 تريليون قدم مكعب ما نسبته 22 في المائة من المخزون العالمي. وحدها قطر تسيطر على 13.5 في المائة من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي ما يعني حلولها في المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة للاحتياطي بعد كل من روسيا وإيران واللتين تمتلكان على 23.9 في المائة و15.8 في المائة على التوالي. لكن تتميز قطر في مجال الإنتاج حيث تعتبر أكثر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم بعد إقصائها إندونيسيا من هذا المكانة. تبلغ الطاقة الإنتاجية لقطر من الغاز الطبيعي المسال 77 مليون طن سنويا. ولدى قطر زبائن لمنتجاتها في مجال في مختلف بقاع العالم ابتداء من اليابان ومرورا ببريطانيا وليس انتهاء بالولايات المتحدة. فضلا عن قطر، تستحوذ السعودية على 4.3 في المائة والإمارات على 3.3 في المائة من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي الأمر الذي يؤكد بأن دول مجلس التعاون الخليجي لاعب رئيسي في مجال الغاز تماما كما هو الحال مع النفط. بل تتمتع كل من السعودية وقطر بدور الريادة في مجال تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم على التوالي.حقيقة القول، تمارس دول مجلس التعاون الخليجي دورا مسؤولا فيما يخص الأمور المرتبطة بالقطاع النفطي بدليل استعدادها لسد النقص من المعروض متى ما كنت الحاجة الماسة كما في الحالة الليبية. بل تعد دول مجلس التعاون جهة يمكن الوثوق والاعتماد عليها فيما يخص إنتاج وتصدر النفط والغاز والمشتقات النفطية من قبيل المنتجات البتروكيماوية. تعتبر هذه الحقائق في مجموعها مسألة جوهرية نظرا للأهمية النسبية للقطاع النفطي لديمومة نمط المعيشة في هذا العصر بالنسبة لتشغيل الطائرات والمركبات والأجهزة والمعدات. باختصار، تمتلك دول الخليج كميات تجارية من النفط الخام تجعلها قادرة على الوفاء بالتزاماتها لعقود طويلة دونما الحاجة للدول المستهلكة للتفكير الجدي بدارسة بدائل للنفط.