11 سبتمبر 2025

تسجيل

ماذا يحدث في اليوم التالي لانهيار إسرائيل؟

18 فبراير 2024

إن كنت تصبر على متابعة وسائل الإعلام العالمية والعربية ستكتشف أن السؤال المطروح؛ هو: ماذا يحدث في اليوم التالي لسيطرة اسرائيل على غزة، ونهاية حماس واستسلام المقاومة؟ وستجد تصورا اسرائيليا تتشكل بعض ملامحه في إقامة سلطة موالية لإسرائيل تدير شؤون غزة، ويمكن أن تسمح اسرائيل بخروج بعض قادة المقاومة إلى دولة أخرى؛ كما حدث في بيروت، وتستعد أطراف عربية للمشاركة في حماية أمن اسرائيل، وانهاء مشروع المقاومة، وتحقيق التطبيع الكامل مع اسرائيل التي تضمن لها أمريكا التفوق العسكري. ومن الطبيعي أن يفكر الجميع في هذا السيناريو، فإسرائيل تستخدم قوتها الغاشمة في ابادة الشعب الفلسطيني وحصاره وتجويعه، والعمل لتهجيره من غزة، وأمريكا توفر لها كل أسباب القوة. فإلى متى يمكن أن تصمد حماس في مواجهة هذه القوة، والنتن ياهو يصر على استمرار الحرب حتى يحقق نصرا اسرائيليا حاسما بالقضاء على فكرة المقاومة. من الطبيعي أن ينتظر الجميع اليوم التالي للنصر الاسرائيلي، فالنظم العربية عاجزة حتى عن توجيه وسائل اعلامها لنشر الأخبار الحقيقية عن الجريمة التي ترتكبها اسرائيل، وهذه النظم تشارك في فرض الحصار على شعب غزة، وهي لا تريد أن تنتشر فكرة المقاومة، وما يرتبط بها مثل الحرية والتحرير والعزة والكرامة. في هذا الواقع الكئيب هل يمكن أن نطرح سؤالا: ماذا يحدث في اليوم التالي لانهيار اسرائيل، وانتصار المقاومة الاسلامية، وتحرير فلسطين؟ يبدو أن هذا السؤال ضرب من الجنون. لكنني أرى أنه يمكن أن يفتح آفاقا جديدة للتفكير والبحث وبناء المستقبل، ووظيفة العلم أن يطرح أسئلة غير متوقعة لينتج أفكارا جديدة. لكي يغير العلم الواقع إلى الأفضل يجب أن يبحث عن اجابات متعمقة لأسئلة جديدة تتحدى التفكير التقليدي، ويطلق الخيال السياسي لقادة جدد يكافحون لتحقيق أحلام شعوبهم مهما كانت تلك الأحلام صعبة المنال، والشعوب لا تحتاج إلى حكام تابعين لأمريكا ينظرون إلى الأرض، ويوجهون اللوم لشعوبهم. ونقطة البداية هو أن نقرأ أسلوب تفكير قادة حماس، فلو أنهم يفكرون بأسلوب الحكام الذين يطيلون النظر إلى الأرض ويركزون على الواقع ما فكروا في القيام بالهجوم على الجيش الاسرائيلي في 7 اكتوبر، وما فكروا في المقاومة أصلا. ومن المؤكد أنهم يعرفون قوة إسرائيل، وما تمتلكه من أسلحة متقدمة، ويعلمون جيدا أن أمريكا ستحاربهم مع اسرائيل، وأن الشعوب العربية مكبلة ومقهورة ولا تستطيع أن تفعل شيئا خوفا من حكامها. لكن الذين يحلمون بالحرية والتحرير يرفضون العبودية للواقع، ويتحدون قوة العدو الغاشمة، ويقدمون التضحيات. هكذا قرر ثوار الجزائر أن يتحدوا قوة فرنسا، وقدموا أكثر من مليون شهيد، وفي النهاية اكتشف ديجول أنه يجب أن ينقذ فرنسا بالانسحاب من الجزائر، وأدرك بحكمته أن فرنسا يمكن أن تنهار إن تمسكت بالفكرة الاستعمارية التقليدية أن الجزائر جزء من فرنسا. لكن النتن ياهو لا يمتلك حكمة ديجول، وغرور القوة يمنعه من رؤية حقائق كثيرة من أهمها: أن المقاومة حق مشروع لشعب اغتصب الصهاينة أرضه، وأن هذا الشعب سوف يستمر في المقاومة، وأن حماس تقود ثورة عقول منذ عام 1987، وأن أبطالها يخططون، ويعدون ما استطاعوا من قوة؛ لأنهم يصرون على تحقيق حلمهم في تحرير فلسطين، وهم يعرفون أن الصراع طويل، ولكنهم يؤمنون بأنهم سينتصرون ويحررون أرضهم، وما يحدث الآن في غزة هو مجرد جولة ستعقبه الكثير من الجولات. هؤلاء الأبطال يثقون بنصر الله، ويؤمنون بأن القوة لله جميعا، وهم يعبدون الله، ويجاهدون في سبيله؛ فمن يستشهد منهم فقد فاز برضاء الله وجنته، أما من يكتب الله له الحياة ؛ فإنه سيستمر في الجهاد والتفكير والتخطيط والبحث عن مصادر القوة حتي يتحقق النصر. لذلك دع اسرائيل تفكر في اليوم التالي للسيطرة على غزة.. أما نحن فسنفكر في اليوم التالي لتحرير فلسطين، وانهيار اسرائيل، ونعبد الله بانتظار نصره.