11 سبتمبر 2025

تسجيل

لا أدري

18 فبراير 2024

نصف العلم: لا أدري، لكن الآفة أن يهرف البعض بما لا يعرف، وأن يتحدث في كل مسألة وكأنه بها أخبر، ويفهم في كله معضلة وكأنه بها أعلم! وعنده فيها - مهما عظمت - الحل الأنجع!. يقول بفيه الكذب يظنه صدقا، والجهل يراه علما، فيضل من حيث أراد الهداية! ويهوي بعد توهم نجاة! وهذا عين الضلال وأنفه ولسانه. إن كل متحدث في غير فنه، أو كل متشبع بما ليس فيه، لا يخرج عن أحد اثنين: - أفن الرأي يقول الشيء قبل أن يتبين له الأمر فيوشك أن يقول الكذب فيحسبه الناس كذابا. وفي الحديث: بـ (حسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع). - أو رجل مموه مراء يقول ما يعتقد خلافه قال تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) وقال تعالى: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون). لقد ذم الإسلام هؤلاء المتعالمين الذين يتكلمون في المسائل التي لو عرضت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر. هؤلاء الذين يصدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» ذلك أن التصدر قبل التأهل منهج الغافلين من الجهلة، أما التريث والصمت عند الجهل فمنهج أهل الحكمة، وهذا سلف الأمة وتلك أقوالهم: -أبو بكر رضي الله عنه (أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم؟). -علي بن أبي طالب: (ما أبردها على كبدي، ثلاث مرات، قالوا: يا أمير المؤمنين، وما ذاك؟ قال: أن يسأل الرجل عما لا يعلم فيقول: الله أعلم). - عبدالله بن مسعود: من كان عنده علم فليقل به، ومن لم يكن عنده علم فليقل: «الله أعلم» فإن الله قال لنبيه: (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) وصح عن ابن مسعود وابن عباس: من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون. - ابن شبرمة: سمعت الشعبي إذا سئل عن مسألة شديدة قال: رب ذات وبر لا تنقاد ولا تنساق، ولو سئل عنها الصحابة لعضلت بهم. - ابن سيرين: لأن يموت الرجل جاهلا خير له من أن يقول ما لا يعلم. - عبدالرحمن بن مهدي: جاء رجل إلى مالك، فسأله عن شيء فمكث أياما ما يجيبه، فقال: يا أبا عبدالله إني أريد الخروج، فأطرق طويلا ورفع رأسه فقال: ما شاء الله، يا هذا إني أتكلم فيما أحتسب فيه الخير، ولست أحسن مسألتك هذه. وهذه والله هي الصيانة والحماية والسؤدد.