13 سبتمبر 2025
تسجيلتقوم فلسفة الحياة على الاستمرارية في كل تفاصيلها، فالسلالات البشرية والحيوانية تستمر بالتزاوج، ولولا البذور لما وجدت الثمار، ولولا جهد الأجداد لما تطورت البلاد، ولولا تفكير العلماء لما تطورت الحياة في كل المجالات، وبالتأكيد أن الأجيال على مر العصور عملت واجتهدت ووضعت بصمتها ليأتي الجيل اللاحق يسجل بصمته ويكمل مسيرة من قبله، فكل المؤسسات والوزارات تكمل جهود من المسؤولين السابقين وإن كان البعض ينسف بعض المشاريع والتي ربما كانت تكلفتها عالية ليأتي بمشاريع أخرى مكلفة دون أن يحاول أن يستفيد أو يطور المشاريع السابقة، وذلك لأن البعض يعاني من عقدة الأول وهي أن كثيرا من الأشخاص لديهم هوس بأن يطلقوا على أنفسهم الأول في المشروع، الأول في الفكرة، الأول في الاختراع، الأول في الظهور، الأول في أي شيء وكل شيء، قد يبدأ أحدهم فكرة ما أو نشاط معين ويكون هو صاحب المشروع الأول ويحق له أن يتفاخر بذلك، ولكن قبل ذلك يجب أن يجري بحثاً دقيقاً قبل أن ينسب البطولات لنفسه، وإذا كان على علم بأن أحدهم قد سبقه في تلك الفكرة أو ذلك المشروع فعليه توخي الحذر في اختيارات كلماته وعدم تجاهل إنجازات من سبقه وجحد جهود الغير ونسبها لنفسه فقط، فهو بذلك يدفن نفسه في مقبرة الغرور والأنانية والإجحاف. معظم المشاريع الحياتية هي تكميلية لفرق عمل سابقة، فما وصلنا إليه من تطور في التكنولوجيا كان بسبب جهود فرق عمل سابقة فكرت وعملت ونفذت في حقبة زمينة معينة، ومن حيث انتهى الفريق السابق بدأت الجهود مع الفريق اللاحق وهكذا تستمر الحياة بالاستمرارية والعمل المستمر والاجتهاد والاستفادة من أفكار الآخرين وربما أخطائهم لتطويرها بما يتفق مع التطور الزمني. وللأسف ورغم إيجابيات برامج التواصل الاجتماعي إلا أن بعض مستخدميها يفتقر عملية البحث والإعداد في المحتوى المقدم، فمثلاً في اللقاءات التلفزيونية يعمل فريق الاعداد على البحث الدقيق عن الضيوف ومسيرة حياتهم وعن الموضوع الذي سيتم مناقشته وتكون المعلومات متوفرة وبأكثر من مصدر فالأخطاء في المعلومات غير مقبولة في القنوات الرسمية، أما في برامج التواصل الاجتماعي فالبعض يعتقد بأنه مذيع ويجري حوارات مع شخصيات أثناء تغطيته للفعاليات دون البحث عنهم بشكل دقيق ومفصل ويبث ما يقولونه دون مراجعة ودون تأكد من المعلومات المقدمة مما يضعه في دائرة عدم المصداقية لأنه يبث محتوى غير دقيق وربما يساهم في نشر أخبار مغلوطة وإشاعات أو يتسبب بمشاكل بين جهات معينة، وليس على بعض مستخدمي برامج التواصل الاجتماعي حرج لأن بعضهم لا يتمتع بالأخلاق المهنية للإعلامي أو الصحفي والمشكلة الكبيرة أن البعض لا يخجل من إطلاق صفة إعلامي على نفسه وهو كل البعد عن أخلاقيات الصحافة ويجهل أبجديات الإعداد واللقاءات الإعلامية، ونظراً للانتشار السريع لمحتوى برامج التواصل الاجتماعي يتناقلها الناس بيسر وسهولة مما يساهم في انتشار الاخبار والمعلومات الخاطئة وأحياناً إشاعات تتسبب في بلبلة، كما أن من سلبيات برامج التواصل الاجتماعي أنها فتحت المجال للكثير للتباهي بأمور غير صحيحة فكل من هب ودب أصبح يفتي في كل الأمور، ويظهر أنه خبير في كل أمور الحياة، وينسب النجاحات لنفسه فقط، فنجد البعض يتفاخر بعدد المتابعين وبأنه أول من وثق حسابه، وأول من وصلت مشاهدات فيديوهاته لمئات الآلاف، وأول من وصل المليون وأول من اخترع الإعلانات والتسويق على التواصل الاجتماعي وأول من ظهر فيها وأول من استخدمها وفي كل شيء هو الأول وكأن التميز في أن يكون الشخص هو أول من.. فقط، في حين أن النجاح في ترك الاثر الطيب والسمعة الحسنة وحفظ الحقوق الأدبية للغير وأداء العمل بإتقان دون رياء ولا نفاق ودون تشويه مسيرة الآخرين أو خطف أفكارهم ومشاريعهم لعدم القدرة على رؤية نجاح الآخرين ومحاولة التميز في مجالات أو طرق أخرى، فالبعض مريض بالحقد والحسد لأنه لا يتحمل رؤية نجاح الآخرين وعوضاً عن التنافس الشريف في مجالات أخرى يحاولون إفساد نجاحات غيرهم لينسبوها لأنفسهم! • المتصالح مع نفسه هو من يثني على إنجازات غيره ولا يشكك في نجاحات من سبقه ويواصل مسيرة النجاح بوضع بصمته الخاصة دون الإساءة لغيره أو تجاهل الإنجازات السابقة، ويكون أميناً في تقديم المعلومات الصحيحة دون تشويه أو تدليس!.