10 سبتمبر 2025

تسجيل

حرب غزة أسقطت الأقنعة وأحيت الوعي.. وأعادت مركزية القضية الفلسطينية

18 فبراير 2024

من أهم إنجازات عملية طوفان الأقصى وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة وسكانها المستضعفين والمقصوفين والمرحلين قسرياً كما وصفتها في مقال سابق «نكبة فلسطين والفلسطينيين الثانية... في ذكراها الخامسة والسبعين»- شكلت عملية «طوفان الأقصى»- العملية النوعية غير المسبوقة، غيّرت قواعد اللعبة والاشتباكات بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وحروب إسرائيل الستة على غزة منذ عام 2008. صار يُقال اليوم ما قبل 7 أكتوبر 2023 لن يكون كما بعده.. وأن مأساة ومعاناة الفلسطينيين والصراع العربي-الإسرائيلي، بعكس ما تسعى إسرائيل لتثبيته في العقل الجماعي الدولي لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023- ولكن بسبب الاحتلال ولم تأت من فراغ كما علق أمين عام الأمم المتحدة غوتيريش-الذي تسبب تصريحه بحملة انتقادات وتطاول إسرائيلية-صهيونية-وصلت للمطالبة باستقالته لتجرؤه على قول الحقيقة الصادمة لهم!! استمرت إسرائيل حتى بعد الانسحاب من غزة عام 2005 بالتحكم بالمعابر وفرض حصار مطبق، حوّل غزة لأكبر سجن مفتوح وبيت عزاء جماعي-بكثافة سكانية-الأكبر في العالم في رقعة جغرافية من الأصغر في العالم. عددت في محاضرتي في ندوة «معركة الوعي...ومركزية القضية الفلسطينية في جميعة الإصلاح الاجتماعي في الكويت الظواهر والنتائج التي حققتها عملية طوفان الأقصى خلال الـ 133 يوماً، أن من أبرز تلك الظواهر إيقاظ الوعي الجماعي للفلسطينيين والعرب وشعوب الغرب والشرق والهبة غير المسبوقة بدعم والتعاطف الواسع مع الفلسطينيين بعد اكتشاف حقائق القضية الفلسطينية المحقة والعادلة، وحجم الظلم والاضطهاد الذي مارسه الاحتلال الصهيوني على مدى 75 عاماً وتضليل الرأي العام ومساندة الأنظمة والإعلام ومراكز الدراسات الغربية الاحتلال والقمع وفضح جرائم الاحتلال على مدى 75 عاماً. كان واضحاً فضح جرائم الحرب وحرب الإبادة كما شاهد العالم في آلاف مقاطع الفيديو وفي مرافعات جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية الشهر الماضي. وفضح التطهير العرقي والعقاب الجماعي والترحيل القسري وحشر مليون ونصف فلسطيني نازح في مساحة 60 كلم مربع في رفح تمهيداً لطردهم إلى سيناء. و»القصف العشوائي» كما وصفه الرئيس الأمريكي بايدن-يعادل 4 قنابل نووية بحجم ما القته الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي نهاية الحرب العالمية الثانية.. تُظهر استطلاعات الرأي من مراكز عربية كالمركز العربي لدراسة السياسات في الدوحة قطر حجم صحوة معركة الوعي بتضامن كبير للرأي العام العربي والدولي ودعم المقاومة الفلسطينية التي غُيبت لسنوات طويلة، ومناصرة حق التحرر ورفض التطبيع العربي مع إسرائيل-ودعم واسع للقضية الفلسطينية... وبرزت ظواهر ملفتة لحرب إسرائيل على غزة: 1-نقل الحرب والمواجهة للمرة الأولى لداخل كيان الاحتلال بعملية عسكرية غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي منذ النكبة عام 1948-وقتل 1200 إسرائيلي بينهم عسكريون حوالي 600 عسكري- 2-يُحكم على من يشنون الحرب بنجاح أو فشل حربها بتحقيق الأهداف التي شنتها لتحقيقها! وفي الشهر الخامس من حرب «السيوف الحديدية»-رداً على عملية «طوفان الأقصى» فشل عدوان إسرائيل في تحقيق أي من أهداف الحرب غير الواقعية. 3- جر إسرائيل للمرة الأولى في تاريخ الاحتلال منذ ثلاثة أرباع قرن إلى محكمة العدل الدولية في جلسة تاريخية وجهت إدانات واضحة لما يمكن أن يُوصف بارتكاب حرب إبادة-genocide- 4- إجبار إسرائيل خوض أطول حرب 135 يوماً بتاريخ حروب ومواجهات كيان الاحتلال مع الدول العربية-النكبة-النكسة-العدوان الثلاثي-حرب أكتوبر-حروب إسرائيل الستة على غزة منذ عام 2008. 5- فضح ونسف كلي للسردية التي كرستها آلة الإعلام السياسي والبروباغندا الصهيونية-المدعومة من الأنظمة والإعلام ومراكز الدراسات والجامعات في أمريكا وأوروبا بأن إسرائيل التي يقودها أحفاد الناجين من المحرقة على يد النازية وهتلر في الحرب العالمية الثانية في أوروبا، هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وسط بحر من الأنظمة المستبدة وغير الديمقراطية التي تسعى لتدميرها. كما كان يردد إعلام عبدالناصر برميها بالبحر-وجيشها الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم-لتتحطم تلك الخرافات بما نشاهده يومياً من جرائم ومجازر وحشية بشعة وحرب إبادة تقشعر لها الأبدان وتدمع لها العيون! 6-بروز ظاهرة ملفتة وغير مسبوقة بتضامن والتفاف الشعوب العربية والإسلامية والناشطين حول العالم مع معاناة سكان غزة النازفين من جرائم الحرب التي دخلت أسبوعها السابع. وفضح جرائم الاحتلال دون تحقيق قوات الاحتلال الغازية انجازا استراتيجيا يُذكر، سوى إبادة المدنيين العزل بجرائم حرب متنقلة-أودت بحياة 30,000 شهيد، 70 ألف مصاب ومفقود تحت الأنقاض، 20,000 طفل وامرأة. 7-تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر والأكثر أخلاقية وقدراتها العسكرية القتالية والتكنولوجية وتصدير صفقات الأسلحة- أصبحت إسرائيل الدولة العاشرة بتصدير السلاح بنسبة 1.3%، وحوالي مليار دولار سنوياً من تصدير السلاح في العالم بين 2018-2022. 8-الهجرة المعاكسة لخارج المستوطنات وخارج كيان الاحتلال. 9-ظهور جيل مقاتلين من رحم المعاناة والعدوان! وحسب استطلاع للرأي عن الأسباب التي دفعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس إلى تنفيذ عملية طوفان الأقصى كان السببان اللذان تصدرا القائمة بحسب المستطلعين استمرار الاحتلال 35%، والدفاع عن الأقصى 24%، والذي حملت عملية حماس العسكرية اسمه. يعكس ذلك تحولاً جوهرياً من انطلاق طوفان الأقصى في الرأي العام العربي والعالمي، والدعم الكبير نتيجة لمعاناة سكان غزة وتحولهم لنازحين ونازفين ومشردين وجائعين ومطاردين. وبرغم ذلك، ملفت ارتفاع شعبية حماس في غزة والضفة الغربية والعالم العربي. مقابل تراجع كلي لمكانة وللنظرة للولايات المتحدة الأمريكية لدعمها بلا سقف حرب إبادة إسرائيل على غزة والسكوت عن جرائم حربها ضد المسجد الأقصى والضفة الغربية وإطلاق قطعان المستوطنين للاعتداء على الفلسطينيين في الضفة الغربية! برغم بدء إدارة بايدن وبريطانيا وفرنسا فرض عقوبات ومنع دخول قيادات المستوطنين لارتكابهم اعتداءات على الفلسطينيين، لكن لا تعالج جذور الصراع والاحتلال! ● وللحديث تتمة...