11 سبتمبر 2025

تسجيل

ثورة مصر والنهضة العربية القادمة

18 فبراير 2011

لقد كان الاستبداد هو أهم العوامل التي أدت إلى تخلف العرب وهزيمتهم أمام الحضارة الغربية . والغرب أدرك ذلك بوضوح فشجع حكام العرب على قهر شعوبهم وبناء أجهزة أمنية قوية لتبث الرعب والخوف في النفوس حتى لا يفكر أحد في الحرية والتحرر وتحقيق أهداف كبيرة . ونتيجة للخوف انكفأ الناس على أنفسهم ، وانحصر تفكيرهم في البحث عن رزق العيال . ومن أجل الحصول على هذا الرزق تناسوا المعاني الإنسانية الجميلة والحاجات المتميزة للإنسان كمخلوق كرمه الله . وكان الغرب يسخر من تخلفنا وخضوعنا واستسلامنا بينما يفخر بأنه حقق الديمقراطية والحرية .ومن حق الغرب أنه يفخر بما حققه من حرية تقوم على احترام حقوق الإنسان ، وديمقراطية تقوم على تقييد الحكام ، وإجبارهم على القيام بوظائفهم لصالح الشعب . ذلك أن الحرية والديمقراطية هما أساس التقدم . كان من الطبيعي أن يتقدم الغرب لأنه أدرك أن الشعب الحر وحده هو الذي يصنع التقدم . وكان توماس جيفرسون حكيماً ووطنياً عندما قال إن الشعب الذي يضحي بحريته من أجل الأمن لا يستحق أمنا ولا حرية . ولذلك قيد الغرب أجهزة الأمن وأرغمها على أن تكون خادمة للشعب وأن تحترم حقوق الإنسان . وفي الوقت نفسه شجعت أمريكا حكام العرب المستبدين على أن يصنعوا أجهزة أمنية قوية وأن يستخدموا هذه الأجهزة في قهر شعوبهم وإضعافها وتخويفها وترويعها . وديكتاتور مصر حسني مبارك كان أقوى المستبدين العرب وأكثرهم ظلماً وبطشاً بشعبه . ولقد ورث عن أسلافه المستبدين السابقين جهازاً أمنياً قوياً . واستمر يزيد في قوته ، وأمدته الولايات المتحدة بكل وسائل التعذيب والقهر . رغم كل ذلك قام الشعب المصري بثورته ليؤكد أن الحرية أغلى من الحياة ، وأن شعباً يكافح من أجل الحرية هو شعب عزيز كريم يستطيع أن يبني حضارة عظيمة . وتطلعت عيون العرب وقلوبهم لشعب مصر الذي كان يعبر عن أشواق الأمة للحرية . لذلك فإن نجاح ثورة مصر هو انتصار لكل العرب الذين قهرهم حكامهم المستبدون . وسوف تنطلق شعوب العرب قريباً من المحيط إلى الخليج لتقلد الشعب المصري ، ولترفع الشعار المختصر الجميل الذي التف حوله شعب مصر ... وهو الشعب يريد إسقاط النظام . لماذا ؟!!. لأن شعب مصر قد أدرك أن ذلك النظام المتوحش المغرور المستبد هو سبب الفقر والتخلف والتبعية والهزيمة الحضارية ... وأنه عندما ينجح في إسقاط النظام وينتصر على أجهزة الأمن ويحقق حريته فسوف يبني دولة عصرية متقدمة تقوم على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وكرامة المواطن . وعندما تحترم كرامة المواطن فإنه سينتج ويبدع ويبني ويزرع الأرض ويقيم المصانع . والشعب الذي انتصر على الطغيان يستطيع أن ينتصر على الاستعمار والتبعية وسيحقق الاكتفاء الذاتي والاستقلال الشامل. لذلك فإن ثورة مصر هي مقدمة لنهضة عربية شاملة وبداية لدورة حضارية عربية قادمة رغم أنف أمريكا وإسرائيل وكل قوى الاستكبار الغربي .