10 سبتمبر 2025
تسجيلأكتب هذا المقال في اليوم 71 من حرب إسرائيل على غزة، وقد دخلت أسبوعها الحادي عشر، وبعد شهر ونصف من حربها البرية-في أطول حروبها، ولم تحقق أي انجاز استراتيجي. كتبت عدة مقالات في الشرق منذ شن إسرائيل حرب الإبادة على غزة-وصفتها بنكبة فلسطين الثانية-وجرائم حرب إسرائيل وسقوط الغرب الأخلاقي-وحرب توقظ الوعي.. وتعيد قضية فلسطين للصدارة - وتسقط الأقنعة والضمائر- وتساءلت هل تؤدي حرب غزة لإقامة دولة فلسطينية؟ ومع ارتفاع حجم الدمار وعدد الضحايا لأكثر من 20 ألف شهيد وأكثر من 50 ألف مصاب وآلاف تحت انقاض منازلهم وشققهم-تتعمق المأساة بتعمد استهداف المدنيين بلا هوادة- تقتلهم وتصيبهم وتشردهم، وصلت لملاحقتهم في المدارس والمستشفيات والمساجد، مع قطع الماء والكهرباء والوقود وخروج المستشفيات عن الخدمة. وبرغم دمج العرب قمتهم مع القمة الإسلامية وزيارة وفد وزراء خارجية من القمتين الدول الفاعلة في النظام العالمي للضغط لوقف الحرب المسعورة التي تخرق القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي- بتعمد استهداف المدنيين- وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، إلا أن ذلك كله، لم يوقف مجازر جرائم الحرب المتنقلة-وذلك برغم تحذير الأمم المتحدة، أنه لا يوجد مكان آمن في غزة. وبرغم نجاح وساطة دولة قطر مع دعم لوجستي مصري وضغط من إدارة بايدن، للتوصل لهدنة إنسانية مؤقتة من24 نوفمبر وعلى مدى أسبوع- بعد تمديدها من أربعة أيام- انتهت في 1 ديسمبر 2023-أفرجت حماس عن 105 رهائن مدنيين بينهم 80 إسرائيليا، وأفرجت إسرائيل عن 250 سجيناً فلسطينياً من النساء والفتيان والفتيات. وإدخال مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والطبية والوقود- إلا أن إسرائيل خرقت الهدنة وشنت خلال الأسبوعين الماضيين مزيدا من جرائم الحرب وانتقل التصعيد وحرب الإبادة من شمال قطاع غزة لجنوبه وعلى طول القطاع. ويبقى الموقف الحاسم والمثير للدهشة، موقف الرئيس بايدن وأركان إدارته وخاصة وزيري الخارجية والدفاع- لويد اوستن-الذي أكد أن حرب إسرائيل على غزة تدفع الفلسطينيين للارتماء في حضن متطرفي حماس. ومع ذلك يرفض بايدن الدعوات لوقف إطلاق النار وإرسال السلاح لآلة القتل الإسرائيلية، برغم المظاهرات الصاخبة والغاضبة والانتقادات والانشقاق داخل حزبه الديمقراطي من الجناح التقدمي في حزبه- بتمويل دافعي الضرائب لقتل المدنيين الأبرياء العُزل في غزة. وتبريرهم أن وقف القتال يخدم حماس! ويقدمون بديل-هدن مؤقتة والطلب من إسرائيل استخدام أسلحة موجهة أكثر دقة- وتجنب استهداف المدنيين. قتلت في عشرة أسابيع أكثر من عشرين ألفاً بان ثلثيهم من النساء والأطفال بما يتجاوز 8 آلاف طفل وأكثر من 6000 امرأه.. وأتهم مندوب فلسطين في الأمم المتحدة استهداف إسرائيل للأطفال في غزة من أجل ترهيب الفلسطينيين. وكان صادماً ومستفزاً استخدام الولايات المتحدة الأمريكية ضد العالم بأسره حق الفيتو واعترضت على مشروع قرار تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن يدعو لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وضمان وصول المساعدات الإنسانية في 9 ديسمبر، حصل مشروع القرار على موافقة 13 دولة من 15 في مجلس الأمن وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت- وبرر نائب المندوبة الدائمة الأمريكية في مجلس الأمن سبب استخدام الولايات المتحدة الفيتو- بينما اسقطت الولايات المتحدة مشروع القرار. وبالتالي أكدت الولايات المتحدة عزلتها عن بقية دول العالم- وسمحت بالتالي لاستمر مسلسل المجازر المتنقلة وجرائم الحرب بغطاء وسلاح ودعم وفيتو أمريكي. وكأن ذلك لم يكن كافياً فقد صوتت الولايات المتحدة وإسرائيل وحفنة من الدول والجزر الهامشية في المحيط الهادئ، تدور في فلك واشنطن الأسبوع الماضي، برفض قرار الجمعية العامة (لا تملك أي دولة حق الفيتو)- يدعو لوقف إطلاق نار إنساني فوري في غزة. أيدت القرار غير الملزم 153دولة وعارضته 10 دول وامتنعت عن التصويت 23 دولة. وكان ملفتاً امتناع المملكة المتحدة، وأوكرانيا التي تخضع لاحتلال وجرائم حرب روسية، وهولندا وإيطاليا وهنغاريا والأرجنتين! في استمرار للسقوط الأخلاقي الغربي. لكن حدث تحول ملفت في 13 ديسمبر وبعد 9 أسابيع من الحرب باتهام وانتقاد الرئيس بايدن الحرب والحكومة ومستقبل الوضع في غزة. وصف الرئيس بايدن للمرة الأولى الغارات والقصف الإسرائيلي على غزة بالعشوائي. (اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب)- وحذر وبدأت إسرائيل تفقد الدعم الدولي بسبب ارتفاع عدد ضحايا حربها على غزة. وفي دراسة ثبت أن أكثر من نصف الصواريخ والقنابل 29,000-معظمها أسلحة أمريكية قصفت إسرائيل غزة بها- لم تكن أسلحة متطورة وموجهة-ما تسبب بارتفاع عدد الوفيات والإصابات بين المدنيين. نقل جيك سوليفان مستشار الأمن الوطني عن بايدن في زيارته الثانية لتل أبيب أن تنهي مرحلة الحرب البرية بنهاية العام الجاري. تزامناً مع تدشين الحملة الانتخابية للرئيس بايدن العام القادم. وطالب بايدن تركيز إسرائيل الحرب على عمليات محدودة وقصف مركز وليس عشوائياً، واستخدام الأسلحة الموجهة لاستهداف قادة حماس. لكن نتنياهو أصر على استمرار الحرب حتى هزيمة حماس والإفراج عن الرهائن، ولم يلتزم بجدول زمني لإنهاء العمليات العسكرية. كما طالب بايدن بتعديل تركيبة الحكومة الإسرائيلية وإقصاء وزيرين متطرفين. من أسباب تغيير مقاربة بايدن لحرب إسرائيل وبدء الانتقاد لسير الحرب هو فشل إسرائيل بعد 10 أسابيع، إنهاء الحرب وصمود حماس وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة- وإحراج بايدن وإدارته بسبب عدد الضحايا الكبير والمأساة الإنسانية، وتراجع شعبية بايدن حسب استطلاعات الرأي وخاصة داخل حزبه الديمقراطي لرفضه الضغط لوقف الحرب التي يصفها الناشطون وشباب الجامعات - (حرب إبادة)، يطالب 80% من الديمقراطيين وقف إطلاق النار- ويعارض60% استخدام إسرائيل القوة المفرطة في حربها على غزة. واضح أن إسرائيل تسبب صداعا مزمنا ومكلفا لبايدن وإدارته في سنة انتخابات حاسمة!