14 سبتمبر 2025
تسجيلدين الإسلام هو دين الحق وهو فوق الجميع، وهو يعلو ولا يُعلى عليه، فالبعض يجسد الإسلام في أشخاص ويضفي عليهم هالة، وقدسيه ربما تصل إلى العصمة، ومهما علا هؤلاء ومهما بدا منهم من صلاح أو فطنة أو كياسة وسياسة فلا يأمن الفتنة طالما يدب على الأرض(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) الانفال25، والمرء دائما ما يدعو الله بالثبات وحسن الخاتمة، فالثبات على الحق أمر صعب والحياة فتن تموج بنا كقطع الليل المظلم وكثيرا ما تنبه وتقلق هذه الآية الكريمة (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا )لا بعد تذبذبها!! ولكن بعد ثبوتها، وصدق الإمام علي رضي الله عنه حين قال»أعرف الرجال بالحق، ولا تعرف الحق بالرجال». فصناعة الهالةً والقدسية على أحدهم مهما بلغ لهو أمر معيب وخطير على المجتمعات، فالمرء لا يزال يخاف على نفسه من تقلبات الدهر، وقدوتنا في ذلك حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول كما جاء في صحيح البخاري (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله.) وكان ما فتئ صلى الله عليه وسلم يدعو الله بالثبات على الحق فعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قال أنس فقلنا: يا رسول الله آمنا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ فقال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها (رواه الترمذي) وها هو صلى الله عليه وسلم يوصي شداد بن اوس في الحديث الذي رواه الطبراني (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا شداد بن أوسٍ إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة، فأكثر هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرُّشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتِك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شرِّ ما تعلم، وأستغفرُك لما تعلم؛ إنك أنت علامُ الغيوب». - إن وجود القائد الراعي والرمز القدوة لهو أمر مهم، فالأمم والقيم بدون الراعي لها والرمز القدوة تضيع، لكن أن نصنع حوله هالة وصروحا وهو لا يزال حيا!! إنما نصنع لهم وحولهم أسوارا وأقفال، فلا يدخل عليهم أحد ولا يُراجعون ولا هم يُستعتبون، إما خوفا أو حياءً أو تزلفا أو تملقا و رياءَ، حتى يصل بهم الأمر أن يقولوا كما قال فرعون(ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) ولو وصل الأمر بأن يتبول أحدهم على شعبه ثم يقول الرويبضة الحمقى إنها أمطار بركة وخير من سيادته (أو شلوت سعادته دفعه للأمام )!! عذرا أقول، ويصل الأمر أن نقول لهم قال الله فيُقال لقد قال العلامة كذا وكذا!! وحينما يسقط أو يزل هذا الرئيس المنزه أو العالم العلامة أو الفاهم الفهامة أو المجاهد القدوة في مواطن الفتن !! حينئذ تُفتح أبواب كثيرة للطعن في الإسلام من الذين يتربصون به وبرجاله الرواسخ وبعلمائه العدول الذين يأمرون الناس بالقسط، فيكون ذلك مبررا للنيْل من الثوابت والمبادئ ومن كل باب خير يدعو إلى الإصلاح. هذا الدين يضيع بين الغالي فيه والجافي عنه قال تعالى(وكذلك جعلناكم أمة وسطا) فالنظرة المتوازنة والقوامة بالقسط في التفريق بين الفكرة وبشرية من ينقلها توضح معالم الطريق، وبذلك ينجلي الحق من الباطل، فالحق أبلج والباطل لجلج، ومهما سقط في الطريق من سقط سيبقى الإسلام هو الدين الحق ولله العزة ورسوله وللمؤمنين). فإذا كان الأمر ملتبسا علينا، قالحق أن نعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال، ومهما علا الباطل وكان في صولجانه وعنفوانه ففي هذا إشارة إلى قرب هاويته وسقوطه المزري، قال تعالى{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}[الرعد: 17] ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ). إن للحق رجالا.