14 سبتمبر 2025

تسجيل

الهوية الوطنية

17 ديسمبر 2014

خالد الجابرإذا كانت الهوية الوطنية عبارة عن مجموعة القيم والأخلاق والعادات والممارسات والمعتقدات التي تؤمن بها جماعة بشرية تجمعها أرض جغرافية مستقلة ؟ هل يستطيع أي مجتمع اليوم الحفاظ على هويته الوطنية دون التصادم والتشابك والتناحر مع المعايير والقيم الاستهلاكية المادية، والانفتاح على الآخرين المختلفين ايجابيا وسلبيا، والعولمة ومساراتها ومخاضاتها وتعقيداتها؟!إن الهوية الوطنية تواجه هاجسا حقيقيا اليوم يرتبط بالاستمرارية والوجود، فواقع الحال أن سكان قطر ارتفاع نسبتهم من 28% عام 1993 م إلى 31.5% عام 2001م. ولكن هذه الصورة تغيرت، إذ زاد حجم السكان من 700 ألف عام 2004م إلى 1.5 مليون عام 2008م. و يُنتظرُ أن يرتفع الرقم إلى 3 ملايين نسمة خلال السنوات العشر القادمة. إن نسبة المواطنين الأصليين بين إجمالي السكان تدنت من 40 % عام 1970 إلى 12 % فقط عام 2010م، وإذا استمرت نسبة التدني فقد تصل إلى 5% عام 2030م، في حال استمرار ارتفاع معدلات التدفق والاستقدام إلى مجتمعنا الصغير.التحديات التي تواجه الهوية عديدة في خضم المتغيرات والمفاهيم والتحولات المستمرة. والأزمة يعيشها الجميع بالاستثناء، من الهوية الذاتية الشخصية بالشعور بالاغتراب والعزلة الاجتماعية والغربة والانفصال عن الذات، إلى الانتماء إلى الهوية العائلية والعشائرية والقبلية وصراعاتها الداخلية والخارجية وتعدد الانتماءات والولاءات، إلى الانتقال إلى الهوية الوطنية الجامعة لكل أطياف المجتمع دون تهميش وانعزال، إلى التشابك مع الهوية الخليجية بعاداتها وتقاليدها المنفتحة منها والمنغلقة، إلى الامتزاج مع الهوية العربية وبعدها القومي وانكساراتها ونكساتها وهزائمها، إلى التماهي مع الهوية الإسلامية والصراع الأزلي بين الأصالة والمعاصرة، وصولا إلى التفاعل الايجابي أو السلبي مع الهوية العالمية وتداعياتها؟!والسؤال ما هي خريطة الطريق نحو المستقبل لتصدي ومواجهة كل هذه الإشكاليات المتفاقمة والمعضلات والتحولات العاصفة، وهل نستطيع بناء أسس للتفاعل الإيجابي والتبادل الثقافي بين الثقافات والهويات المتعددة التي تعيش بيننا مع ثقافتنا وهويتنا الوطنية على مستوى الفرد والأسرة والقبيلة والمجتمع والدولة والبعد الخليجي والعربي والإسلامي والعالمي؟! وماذا لو فشلنا؟ هل سنتحول إلى مجرد هوية أشبه بهوية "الهنود الحمر" الأمريكية على ضفاف الخليج؟!