15 سبتمبر 2025
تسجيللقد أثار هذا الموضوع الذي طرحناه هنا من باب محاولة الإصلاح "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت" أثار غضب وجدال البعض ظناً منهم أن هذه المواضيع يجب ألا تطرح حتى، ولا يمكن النقاش فيها لأنها من المسلمات، فالقارئ الفاضل أبو عبدالعزيز مثلاً يرى (بأن المرأة هي اختنا وامنا وبنتنا، وأن الاسلام كرمها بان تكون تابعا للرجل وهذا نهج مجتمعنا الذي كرم أيضا المرأة) كما تفضل في رسالته.. فهل يعقل ذلك؟؟ وهل حقاً هذا هو الواقع وبهذه الكيفية؟ أترك لسيادتكم التعليق على ما يعتقده أبو عبدالعزيز. إن ما تلاقيه بعض النساء في مجتمعنا ما هو إلا رواسب للجاهلية التي كانت تعتبر المرأة تابعاً فقط، وليست كائناً مستقلاً يملك حق الحياة الكريمة والحرية الشخصية المحدودة بالضوابط الشرعية والقيم السائدة.. لقد رأيت وسمعت قصصاً لنساء تعرضن لهجر أزواجهن سنوات طويلة دون وجه حق، وإنما لأنه على خلاف معها، او لأنه لم يعد يرغب بها زوجة له، او لأنه اكتشف أنه لا يوجد توافق بينهما، وذلك بعد أن أنجبت له ثلاثةً أو أربعةً من الأطفال، فقرر أن يضعها على الرف هناك، في دولاب حياته حيث لا يجب أن تستخدم.. ولكنها لا تملك قرار الفراق، ولا تملك إلا أن تختار بين أن تكون معلقة مهجورة ومعها أطفالها.. وإما أن أن تعتق نفسها من هذا الجحيم وتوقع بيدها على قرار الحرمان من أبنائها مدى الحياة.. وغيرهن من أولئك النساء اللاتي مازلن يتعرضن للضرب والعنف دون القدرة حتى على الدفاع عن أنفسهن أو الشكوى لأحد، لأن هذا الرجل هو الملاذ الأخير لهن.. ولأن قيم تلك العائلة ترفض الطلاق والفرار من جحيم المعركة لأرض آمنة.. ولأنهن لا يستطعن التخلي عن أطفالهن أو إعالة أولئك الأطفال دون ذلك الرجل المستبد.. وغيرهن الكثير من النساء المحرومات من حقهن في الحياة الآمنة الكريمة او حقهن في التعليم او العمل أو المشاركة المجتمعية أو غير ذلك من الحقوق التي أقرها الشرع والمواثيق. إننا نعرف ما جاء به القرآن الكريم والشريعة الإسلامية السمحاء من تأكيد وتقرير لحقوق المرأة، وما جاء بعد ذلك في القوانين والمواثيق والتقارير كتقرير التنمية الإنسانية العربية الأول سنة 2002 الذي سلط الضوء على مسائل ثلاث هي المعرفة — الحرية — نهوض المرأة، والذي تضمن استحالة تحقيق نهضة عربية منشودة دون إزالة كافة العوائق التي تحول دون إسهام المرأة الكامل في التنمية. وكل ما جاء قبل ذلك وبعده من مؤتمرات وبرامج وغير ذلك من أجل تمكين المرأة ووضعها في مكانها الصحيح لدفع عجلة التنمية في مجتمعاتنا، وبالرغم من ذلك كله فقد بقي أن نقول بأنه لو آمن العالم أجمع بكل ذلك ولم تؤمن المرأة نفسها بذلك فلن يجدي.. فلا بد أن تؤمن المرأة بنفسها أولاً وبقوتها التي أودعها الله تعالى في كل شيء فيها، حتى جعل في ضعفها قوة، لكي يؤمن بها الآخرون.. ويكفي أن تؤمن كل امرأة بأنها ذلك المخلوق الوحيد الذي يهز المهد بيد، وبيده الأخرى يهز العالم..