10 سبتمبر 2025

تسجيل

اقتحام العقبة

17 أكتوبر 2023

(الطوفان) ما زال جارفاً، هذه الحقيقة التي أُذن لنا أن نشهدها كأحد أهم الأحداث المفصلية في تاريخ هذه المنطقة. ولستُ أتحدث هنا على نطاق المستوى السياسي، ولكني أعني على مستويات أخرى داخلية في نفوس أفراد أمة اعتادت لردح من الزمن على ثقافة الاستقواء والانتهاكات من العدو الغاشم، حتى تخلق روح الانهزامية، وتُقوض كل سحائب الأمل بالدوران في دوائر مفرغة من التخويف إلى أن يصبح العدو عملاقاً بداخل النفوس قبل أن يكون خارجها!. وهذا ما تعتاده النفوس لأن للنفس بطبيعتها منطقة راحة تألفها بالتكرار والمداومة ولو كانت مؤذية، وتأوي إليها عندما تخشى ما يصادف طريقها من العقبات. فتتقهقر متراجعة أمام عالم قاسٍ مرسوم بعناية، مصمم لتقويض النفوس قبل الأبدان، فيخلق صورا نمطية كاذبة عن جيش لا يُقهر، وعن سلاح لا يقاوم، وعن عدو لا قبل لهم به! وسياسات ممنهجة للتخويف والإذلال وانتهاكات تزيد المشهد بشاعة على مدى الأجيال! كل تلك الموجات المتعاقبة هي عقبات تشكل سداً منيعاً يوقف تقدم النفوس ويحد من انطلاقها، ولربما بعثت في أرواح أصحابها اليأس والخيبة والقنوط!. وما هذه إلا حرب نفسية عظمى ليس مآلها إلى خير أبداً. لذا من المهم أن نعي أن التعامل مع تلك العقبات كحواجز منيعة هو عقبة في حد ذاتها تمنعنا من الانعتاق والتطور والاتساع. ولعل من الأكثر أهمية أن ندرك أن الكثير من هذه العقبات وهمية لا وجود لها أو على أقل اعتبار مبالغ في حجمها وتأثيرها. ومن الناجع أن نفهم أنها قابلة للاجتياز أو للتعامل معها على أقل تقدير، وأن الجزاء الأوفى لـ (اقتحام العقبة) هو (طوفان) جارف مثل الذي حدث يحطم أساطير القوة التي لا تُهزم في النفوس، ويبعث الأمل من جديد، ويُمكّن الأرواح لتصبح أبية مقدامة. لا تهاب (العقبات) ولا تخشى (اقتحامها). لحظة إدراك: من أرقى ما يمكن أن نقدمه من الدعم لإخواننا في فلسطين هو أن نسهم في اقتحام العقبة، ولو على مستوياتنا الفردية البسيطة، اقتحام عقبة الانخراط في دوائر الألم والغضب والحسرة والانهزام، وتجاوزها إلى براحات الأمل والتوكل والاستقواء، من مصدر عزة النفوس، وإباء الوجدان، واليقين بالقوي، فلا حول ولا قوة إلا بالله.