21 سبتمبر 2025
تسجيلسُعدت بتقديم دورة «التحليل السياسي للإعلاميين والصحافيين وكتاب الصحف القطريين للمرة الثالثة-بدعوة كريمة من إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام ممثلة برئيسها الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني، وباستضافة المركز القطري للصحافة في الدوحة. بات الإعلام اليوم سلاحا فعالا يجب استغلاله وتوظيفه بحنكة وذكاء لصياغة وتقديم صورة تعكس بشكل واضح ما تملك الدولة من قدرات وامكانيات وانجازات قد لا يعلم بكنهها المواطن والإعلامي نفسه، فما بالك بمعرفة الآخرين من دول الجوار وعلى المستويين العربي والدولي. درسنا وندرّس في العلوم السياسية العلاقات الدولية، أن دور وقدرات الدول والكيانات الصغيرة محدودة وتكاد لا تُذكر-وأن أقصى طموح الدول الصغيرة على مستوى الأقاليم وخاصة على المستوى الدولي هو الحفاظ على سيادتها وحماية أمنها من التهديد والابتزاز والتعدي عليها. لذلك لا يتوقع من الكيانات والدول الصغيرة لعب دور مؤثر في السياسة الإقليمية والدولية خاصة إذا كانت جارة لدول كبيرة وطموحة وبمشاريع وبعضها بأطماع. ما يضطر الكيانات الصغيرة للتحالف مع قوى كبرى إقليمية أو على المستوى الدولي لحماية أمنها. منذ ستينيات وسبعينيات القرن العشرين شكلت دولة الكويت الاستثناء لدولة وكيان وشعب صغير لكن لم يمنع الكويت صغر حجمها وعدد سكانها من لعب دور يتجاوز حجمها باستضافة مئات آلاف العرب للانخراط في عملية بناء البنى التحتية للدولة الناشئة حتى سميت الكويت «بلاد العرب». كما برعت الكويت في توظيف ثروتها النفطية والمالية في دعم التنمية العربية بمنح صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية العربية قروضاً تنموية منذ عام 1961 كأول صندوق للتنمية الاقتصادية لأكثر من 107 دول وأكثر من 1000 قرض بقيمة 7 مليارات دولار ما يعادل 22 مليار دولار.. كما ساهمت دبلوماسية الوساطة الكويتية بحل نزاعات ومنع اندلاع حروب ومواجهات وإنهاء حالات من الصراع والخلافات. آخرها الأزمة الخليجية (2017-2021). لذلك شكلت الكويت نموذجاً ناجحاً وملهماً للدول الصغيرة أن صغر حجم الدولة ومحدودية قدراتها لا يجب أن يكون عائقاً للدول الصغيرة أمام طموحها للعب دور قد يتجاوز قدراتها. لذلك كانت الكويت نموذجاً متقدماً وملهماً للدول الصغيرة. والملاحظ-برزت دولة قطر منذ عقدين كلاعب مؤثر وبإنجازات في القضايا الإقليمية-الخليجية والعربية وحتى الدولية ( (punching over its weight. ركّزت في الدورات الثلاثة التي قدمتها في عام ونصف على أهمية السردية المميزة المطلوب من الإعلاميين والصحافيين وكتاب المقالات في الإعلام القطري إيصالها للداخل والخارج معاً. لشرح تفاصيلها وانجازاتها. خاصة أن القيادة القطرية بقيادة سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة أرسى دعائم قطر الجديدة وبنى عليها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد والحكومة القطرية بإنجازات مميزة تحتاج تسليط الضوء عليها. قدمتُ لكوكبة من الإعلاميين الشباب من الجنسين في الدورات الثلاثة وآخرها الأسبوع الماضي، لمحات ووقائع وانجازات ونجاحات دولة قطر بدبلوماسيتها النشطة والمميزة في الوساطة وحل النزاعات بين الفرقاء المتصارعين، وبين دول في الإقليم، يحركها عقيدة قطر حل النزاعات وصناعة السلام. شهدناه في الصومال ولبنان والسودان. كما كسبت قطر بدبلوماسية الوساطة ثقة القوى المتصارعة والخصوم اللدودين كالولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي-وآخره الصفقة الكبرى بالإفراج عن سجناء من الطرفين الأمريكي-والإيراني- والإفراج عن 6 مليارات دولار من أرصدة إيران المجمدة في كوريا الجنوبية. بإشراف قطري على انفاقها في شراء المواد الغذائية والأدوات الطبية والأدوية والسلع التي لا تخضع للعقوبات الأمريكية. في انجاز واختراق قطري مميز- وكسب للثقة من الطرفين الأمريكي والإيراني معاً. كما نجحت قطر في نيل ثقة الولايات المتحدة وحركة طالبان في أفغانستان، في نجاح آخر لدبلوماسية الوساطة القطرية. كذلك نجحت دبلوماسية الوساطة القطرية قبل وبعد الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان قبل عامين، بإجلاء 70 ألف مواطن أمريكي وأفغاني ومتعاونين ومترجمين أفغان ومواطنين لدول غربية واستضافتهم قبل انتقالهم لمحطاتهم الأخيرة. ما دفع الرئيس بايدن بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان قبل عامين. بترقية العلاقة الأمريكية وتصنيف دولة قطر «حليف رئيسي من خارج حلف الناتو»-في اعتراف بأهمية التحالف مع قطر وهذا تصنيف يقتصر على 19 دولة حول العالم. بما فيها دولة الكويت ومملكة البحرين بالإضافة لقطر. وأثبتت قطر في مناسبات عديدة أنها حليف يفي بالتزاماته بتصدير شحنات الغاز المسال والنفط للدول وخاصة في شرق آسيا. وامتلاك دولة قطر مصادر الطاقة والإرادة لتعويض النقص في امدادات الغاز الطبيعي المسال عن الغاز الروسي بعد العقوبات الغربية على روسيا وحظر تصدير الطاقة للدول الأوروبية. ما يعزز مكانة ودور والتزامات قطر. وقدمت شرحاً في الدورة عن آخر مساهمات قطر، بتبوؤها دورا مؤثرا في حل النزاعات واستتباب الأمن- وفي تمويل عملية نقل مليون طن من القمح والحبوب الروسية إلى 6 دول أفريقية فقيرة-كما أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي. كتبت في نوفمبر الماضي مقالاً في زاويتي الأسبوعية في الشرق: «نجحت قطر بتحقيق كثير من الإنجازات برغم محدودية قدراتها، متمثلة بقول المتنبي «وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام»- صارت قطر مع الكبار في شتى المجالات بدبلوماسيتها النشطة بالوساطة وحل النزاعات. وهذا يرسخ لعب دولة قطر مع القوى الكبرى شرقاً وغرباً-مع أمريكا وروسيا وأوكرانيا والصين وأوروبا وتركيا وإيران! ما يرسخ دور قطر-الحليف الموثوق، بالمساعدة في حل أزمات وخلافات مرتبطة بالأمن والاستقرار الإقليمي-كما شهدنا نجاحات دبلوماسية توسط قطر بحل أزمات أفغانستان وإيران مع أمريكا، والصومال وتشاد وغيرهم، وتوفير بدائل يعول عليها في أمن امدادات الطاقة. تلك حقائق قوة قطر الناعمة، ينبغي على إعلام وإعلاميي قطر معرفتها وسردها!