12 سبتمبر 2025
تسجيلفجأة ترقيت.. نعم ترقيت إلى وظيفة أعلى، ولا أعرف أبدًا كيف جاءت تلك الترقية، لطباخ هزيل، تم غسيله في بيت (برهاني) أيامًا طويلة حتى جف. غاب القائد عبَّادي في جوف المدينة يومين عريضين بناء على طلب المتَّقي، الذي جاء يحمله رسول قيل إن اسمه (عكرمة الضراب)، وشاهدته يهبط عن جواده الرمادي، أمام خيمة القائد، واكتشفت من مشيته وهزة رأسه، وريشة من ريش الدجاج، خلف أذنه تستخدم في الكتابة، أنه قريبي الشاعر (مسمى طاؤوس)، الذي كان يبيع قصائد الشعر للريفيين في مقهى (خزي العين)، ولم أندهش أبدًا. مادح الجنود الخيالة الذين لم يملكوا أبدًا إيحاءات مدح، وناظم آخر أغنية محتالة، ترنح بها المغني (جريح)، في خزي العين قبل أن يندثر، والآن رسول المتَّقي، لأن الضرورة لابد قد حتمت ذلك ولا أعرف كيف عثر على المتَّقي، الذي لا أعرف حتى الآن إن كان حقيقة أم مجرد خيالات فقراء. لم أخبر أحدًا باكتشافي، ولا ظننته اكتشافًا ثريًا، ولكن مجرد حدث عادي، تمامًا كالأحداث التي كانت تجري في مدينة السور، حين كانت مدينة: مخلوف المجنون عاريًا في الطرق، يبحث عن أخشاب من النار، ليبني بها سفينة، إحدى بائعات الهوى من حي (ونسة)، تابت فجأة وتوقفت عن دفع الضرائب، فقيرة من حي (أرض الكوثر)، باعت طفلًا لسائح.. دجال إفريقي يأتي فقيرًا، ويفر حاصدًا ثروة.. هكذا. أرسلوا في طلب غداء للرسول المحترم، وأعددناه كما طلب، ذكروا أنه يحب اللحم مشويًا، يحب طعم الملح و(الحبهان) على حسائه، فشوينا اللحم، وأكثرنا من الملح والحبهان على الحساء. وقالوا يحمل أنباء جديدة للقائد، ولم نسأل، لأن لا أخبار جديدة ولا قديمة، ستحفر كوة في ظلام المصير. وقد سمعنا في الآونة الأخيرة أن حكومة العاصمة قد بترت (السور) وضواحيها، وأريافها التي تغلي بهوس المتَّقي وأتباعه، عن جسد الوطن، وتفرغت لابتكار وسائل لحماية بقية الجسد، لكن لم يكن ذلك مؤكدًا. كان مسمى قد اختفى عن عيني أثناء إرهاصات الحرب، وبالتحديد، في ذلك اليوم الذي أقيم فيه عرس الغرابة، عرس الملكة نديمة، والبكباشي صبير الذي لم تحبه أبدًا. لم يكن واحداً من السواعد التي التمت من كل شبر لتفتدي المدينة. لم يكن في صحبة من تجمعوا للاحتماء في سرداب ساحة المجد، ولا كان مرتبكًا، ومفزوعًا مثلنا، يوم ارتبكنا وفزعنا في السوق الكبير، سوق حمزة وابنه. ولم تنعه الأخبار التي تواترت ونعت من مات. في الحقيقة لم يكن ذكره يرد إلى خاطري أبدًا في تلك الأيام العصيبة، بالرغم من قرابتنا المؤكدة، حيث يعتبر واحدًا من أبناء العمومة، فلم يكن مسمى الذي كان قد تجاوز الخمسين بلا عيال ولا زوجة، من ذلك النوع الذي يترك في الذهن خامات ذكرى.