16 سبتمبر 2025
تسجيليتبادر إلى ذهني سؤال لا أعلم إن كان أحدكم يشاركني نفس التساؤل وهو: هل ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في ازدياد ظاهرة التنمر البشري والتطاول على الآخرين؟ نعلم أن الخلافات والمشاكل تحدث بين الصغار والكبار، ونعلم أن البعض لديه ميول عدوانية، والبعض الآخر هوايته تحقير الناس، وغيرهم يهوى الانتقاد بدفاشة دون أدنى دبلوماسية، ولكن أن يتم تعّمد التعبير عن تلك الآراء أو القيام بالمشاجرات مع توثيقها إما بالتعليق على الصور والتغريدات أو بتصويرها وبثها على شبكات التواصل الاجتماعي، فهو تصرف جديد علينا، والملاحظ أنه عندما يبدأ أحدهم بتعليق قاس أو خارج عن الأدب يتشجع بقية المتابعين في التلطيش ويتفننون في الكتابة أو التلفظ بعبارات خارجة عن الأدب والحياء ولا يمنعهم أمر من التطاول وربما السب والقذف والتبلي على الشخصيات المستخدمة لتلك الشبكات وما يطلق عليهم نشطاء السوشيال ميديا أو بلوغرز. استغرب من المستوى الذي وصل إليه البعض في تعليقاته وإجبار نفسه على متابعة شخصيات تثير غضبه أو استياءه، ولا تعجبه ولا تتوافق مع مبادئه، لكن ربما بدافع الفضول يتابعها ولا يكتفي بالمتابعة الصامتة بل يُعلّق سلبياً على ما ينشرونه ولا تعجبه طريقة حياتهم، ولا ما يقومون به ويصرح بذلك لهم ويسبهم ويدعي عليهم أحياناً ويتهمهم بالفسق وغيره. السؤال الذي يطرح نفسه من أجبرك على متابعتهم؟، ولماذا تضيع وقتك في متابعة أشخاص لا يعجبونك؟! يؤججون بداخلك شعور الغضب وعدم الارتياح الذي يدفعك أحياناً إلى التعبير عن ذلك بأسلوب غير أخلاقي وغير لائق!، من الأولى عدم إزعاج نفسك وبضغطة واحدة تلغي المتابعة وابحث عمن يفيدك ويرضيك في متابعته. كما أن نشطاء التواصل الاجتماعي شخصيات وثقافات مختلفة ويأتون من بيئات متعددة ولهم أفكارهم أو أهدافهم وطريقة حياة لا يمكن أن تكون ملائمة لطريقة حياتك بالضبط، لذلك في حين متابعتك لتلك الأشخاص عليك احترام هذا الاختلاف وتقبله، ويمكنك أن تتسلى أو تستفيد في الجوانب التي تتفق معها ولا تبالي لما لا يتفق وفكرك دون أن تسعى لتجريح الآخرين أو التطاول عليهم. عندما أقرأ بعض التعليقات على التغريدات أو صور الإنستغرام أُصدم من المستوى الأخلاقي المنحدر الذي يكتب به بعض المتابعين دون احترام لشخص صاحب الحساب ولا احترام لبقية المتابعين أو التفكير للحظة بوضعه الشخصي والإنساني والعائلي، وكم ستؤثر تلك التعليقات السلبية على مجريات حياته العائلية وعلى نفسيته. بات البعض أكثر تنمراً بل ويجاهر بذلك، والأغرب أن العدوى انتقلت أيضاً لبعض النشطاء والمشاهير فأصبحوا هم كذلك متنمرين على بعض، وكل منهم عند أول خلاف يسعى لتشويه سمعة الآخر وتحريض متابعيه وينتهي بهم الأمر في المحاكم!. لم يعد الأمر كما كان، فالقانون أصبح حازماً في هذه القضايا وضجت المحاكم بقضايا التشهير والتطاول، وأصبحت الشكوى والمقاضاة أمراً هيناً، وكل من يتطاول بالقول أو يصور دون أذن وينشر مقطعاً به عنف أو غير لائق ممكن أن يحُاسب وفقاً للقانون، ولكن للأسف البعض ما زال يفرغ طاقته السلبية وعُقَدِه النفسية على نشطاء التواصل الاجتماعي وينتقدهم في كل شيء، رغم أنه ربما كان يفعل ما هو أكبر وأعظم من ذلك!. التواصل المباشر عبر الشبكات الاجتماعية كسر الحواجز، ولهذا وجد البعض أرضاً خصبة للتنمر، كما أن الظاهرة طالت المراهقين الذين لديهم استعداد أكثر للتنمر وأصبحوا يتباهون ببثهم مقاطع عنف وضرب لزملائهم دون أدنى مسؤولية لما وراء ذلك من أَذى لهم وللآخرين وعائلاتهم. الظاهرة صعب حصرها والحد منها، ولكن شكوى المتضرر وتفعيل العقوبات قد يكون حلاً ورادعاً للمتنمرين، إذا لم يتناسب محتوى الشخص مع مبادئك فالأفضل إلغاء متابعته دون أن تُعّرض نفسك للمساءلة القانونية ودون أن تكلف نفسك عناء اختيار عبارات قاسية وغير لائقة. [email protected] @amalabdulmalik