10 سبتمبر 2025
تسجيلمن الواضح أن ظاهرة انتشار المخدرات، تُعد من الظواهر الأكثر تعقيداً والأكثر خطورة على المجتمعات، وهذه الظاهرة إحدى مشكلات العصر، حيث تعاني منها الدول الغنية والفقيرة دون تفريق، لذلك أجمعت كل الدول باختلاف سياساتها على محاربة تلك الظاهرة السرطانية، من خلال مكافحتها على مستوى العالم. والمخدرات مواد كيميائية تسبب النُعاس، أو تغيِّب الوعي أو تسَّكِن الألم، ولها أشكال مختلفة، فمنها النباتات والأبخرة والسوائل والمساحيق والأقراص والكبسولات، ويتم تعاطيها بالشرب أو بالاستنشاق أو بالحقن، وهي تسمم العقل وتؤدي إلى تغيير تام بالتفكير، حيث يشعر المدمن لفترة وجيزة «زيفاً» بالقوة والمتعة عقب إلغائها شعوره الطبيعي. ويشكل المدمنون جزءا من الثروة البشرية لأي مجتمع، والتي يعول عليها في عمليات البناء والتطوير، لكن الإدمان يضعف من قدرات المدمنين الإنتاجية بل يشلها كلياً، وبذلك يفقد المجتمع جزءًا هاماً من ثروته البشرية، ليس هذا فقط بل يشكل المدمنون عبئاً اقتصادياً على مجتمعهم. وتفشى ظاهرة المخدرات بين الأفراد وانعكاسه بالمجتمع، قد يجعله مجتمعاً مريضاً يسوده الكساد والتخلف والفوضى، ليصبح فريسة سهلة لأعدائه المتربصين، فلا يقوى على الحركة أو المقاومة، وضعف إنتاج الفرد ينعكس بالطبع على إنتاج المجتمع، فظاهرة تعاطي المخدرات لها جانبها الاقتصادي بالنسبة للفرد من جهة والمجتمع من جهة أخرى، وبالنظر لآثار المخدرات على الفرد، نجد أن المدمن يبدأ تعاطي المخدرات بالمجان لأول مرة، أو مجاملة لصديق، أو حباً في الاستطلاع، أو رغبة في تسكين بعض آلامه. ثم يبدأ في دفع الثمن للحصول عليها، وكل يوم يزيد من الجرعة التي يأخذها، وبالتالي يزيد الثمن الذي يدفعه للحصول عليها، ليأتي الوقت الذي يجد فيه المدمن قد خسر كل شيء يملكه، بجانب أن رواج تجارة المخدرات، يترتب عليه تهريب العملة الصعبة لخارج البلاد، فتقل كميتها ويزداد الطلب عليها وتتجه نحو الارتفاع، والذي ينعكس بدوره على القوة الشرائية للعملة الوطنية، كما تتمثل خطورتها في كون المدمنين خطراً على حياة الآخرين، وباتوا عنصر قلق واضطراب لأمن المجتمع ذاته. ويسعى كل مدمن للبحث عن فريسة لالتهامها سواءً بالسرقة أو القتل، ما يقوده في النهاية لعالم الجريمة والمرض النفسي، أو أن يصبح شخصاً حاقداً على مجتمعه لا يشعر بأي ولاء تجاهه، يفضل الشراسة والعدوان، وبدلاً من أن يصبح أداة بناء بالمجتمع، يصبح بفعل المخدرات معول هدم بجدار المجتمع. وانتشار المخدرات وتعاطيها يؤدي لخسائر مادية كبيرة بالمجتمع ككل، تؤثر عليه وعلى إنتاجيته، وتلك الخسائر تتمثل في المبالغ التي تُنفق وتُصرف على المخدرات ذاتها، فعلى سبيل المثال إذا كانت المخدرات تتم زراعتها بأراضي المجتمع المسّتهِلك لها، فإن ذلك يعني إضاعة قوى بشرية عاملة، وإضاعة الأراضي المستخدمة في زراعة المخدرات، بدلاً من استغلالها لزراعة محاصيل يحتاجها المجتمع.