11 سبتمبر 2025

تسجيل

«الأفلام الكرتونية» وعلاقتها بعدوانية الطفل

15 يوليو 2023

اعتمدت الأفلام الكرتونية على الصورة المرسومة، سواءً باليد أو من خلال الحاسوب، وتلك الصورة تتحول بسرعات كبيرة من الصيغة الجامدة إلى الصيغة المتحركة، وذلك عبر آلية خاصة، وهذه الأفلام عملت على تجاوز كل الآفاق التي لا يسمح الواقع بحدوثها، مثل طيران الأشخاص أو قيام الأشياء الجامدة بالتحدث، وغيرها من الأمور الخارقة. وبذلك اعتبرت هذه الأفلام مجالاً وفضاءً واسعاً لانتقال الطفل وإخصابه، إضافة إلى تجسيدها لقضاياه الفطرية، وفي نفس الوقت اتجهت أفلام الكرتون إلى محاكاة ثقافة أصحابها، دون النظر للفئات أو المجتمعات التي ستوجه إليهم، كما اكتسبت أفلام الرسوم المتحركة مكانة بارزة بين الأطفال، نتيجة ومضات الضوء عالية السرعة والتغيرات اللونية السريعة، والحركات التي توقف تركيز الطفل، وقد يبدأ الأطفال بمشاهدة هذه الأفلام على شاشة التلفاز في سن مبكرة جداً، يمكن أن تبدأ عند بلوغه ستة أشهر، ومع بلوغ الطفل سن الثانية أو الثالثة قد يصبح من المشاهدين المتحمسين. ودوما ما يُفتن الطفل بالكرتون، والذي يحل محل أنشطة الطفولة، كاللعب مع أصدقائه أو قيامه بالأنشطة البدنية أو القراءة، أو القيام بالواجبات المنزلية، وعلى الرغم من أن الطفل يعتقد أن الرسوم الكرتونية مسلية جداً، إلا أن الواقع والتجارب وكذلك الدراسات، قد أثبتت أن لها تأثيراً سلبياً على الأطفال، وذلك اعتماداً على موضوع الفيلم الكرتوني أو محتواه، فنرى أن بعضها محايد ومخصص للترفيه فقط، وبعضها تعليمي، إلا أن الأكثرية منها يكون عنيفاً جداً في جوهره، فعند مشاهدة الأطفال أفلام الرسوم المتحركة، دوماً ما يتعرف هؤلاء الأطفال على أنفسهم من خلال الشخصيات التي بها. لكن المشكلة الكبرى هنا تكمن في أن تلك الشخصيات، تكون في كثير من الأحيان غير مناسبة لأي تعريف، لأنها تكون عدوانية جداً أو لديها قوى خارقة للطبيعة، فيمكنها مثلاً القفز من أعلى ناطحة سحاب، أو الجري بطريقة تبدو أسرع من الريح، أو السقوط من أعلى الأبنية أو الأماكن المرتفعة دون تأثر، ومن خلال كل ما ورد تتحول هذه الشخصيات العدوانية بسهولة إلى نماذج يحتذى بها الطفل، وذلك يكون دون إشراف الوالدين، ولعدم وجود من يقوم بشرح أو توضيح الفرق بين الواقع والخيال، لأن الآباء يكونون في العادة مشغولين، ويفضلون ترك الأطفال أمام التلفاز دون رقابة منهم. حيث يقوم الأطفال باستخدام الأفلام الكرتونية بتلك الحالات كبديل للحياة الحقيقية، ما يُعد تهديداً مباشراً لنمو الطفل النفسي، وهناك حالات كثيرة قد يأخذ فيها الأطفال الرسوم المتحركة لأقصى الحدود، كما أن لأفلام الكرتون تأثيراً كبيراً جداً على اللغة، نظراً لتبني الأطفال من خلالها كلمات وألفاظ غير لائقة، حيث يقلدون أسلوب ولغة هذه الأفلام، إضافة إلى أنها قد تشوه سلوك الطفل، وتنمي فيه روح العدوانية لأبعد حد.