12 سبتمبر 2025
تسجيلذكرنا في المقال الفائت أن الآفة الثانية التي تصيب السالكين إلى الله تعالى : الإعجاببالنفس، والنظر إلى الذات . وذكرنا مظاهر تلك الآفة، واليوم نقف عند أهم أسبابها وهي:1- النشأة والتكوين:أول الأسباب التي تدفع إلى تجذير الإعجاب بالنفس تنشأة السالك وتكوينه ، فقد ينشأ بين أبوين يلمس منهما أو من أحدهما : حب المحمدة ودوام تزكية النفس أن بالحق وإن بالباطل والاستعصاء على النصح والإرشاد ونحو ذلك من مظاهر الإعجاب بالنفسفيحاكيهما.وبمرور الزمن يتأثر بهما ويصبح الإعجاب بالنفس جزء من شخصيته لا ينفك عنها ولا تنفك عنه . ولعل ذلك السر في تأكيد الإسلام على التزام الأبوين بمنهج الله في التربية، إذ منهج الله وحده هو الذي يحمى الأبوين من أي انحراف وبذلك يصلحان أن يكونا قدوة للأولاد.2- الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك: ذلك أن هناك فريقا من الناس إذا أطرى أو مدح في وجهة دون تقيد بالآداب الشرعية في هذا الإطراء وذلك المدح اعتراه أو ساوره لجهله بمكائد الشيطان خاطر : أنه ما مدح وما أطرى أي أنه يملك من المواهب ما ليس لغيره وما يزال هذا الخاطر يلاحقه ويلح عليه حتى يصاب والعياذ بالله بالإعجاب بالنفس ولعل ذلك هو السر في ذمه صلى الله عليه وسلم للثناء والمدح في الوجه بل وتأكيده على ضرورة مراعاة الآداب الشرعية إن كان ولابد من ذلك. جاء عن مجاهد عن أبى معمر أنه قال : قام رجل يثنى على الأمير من الأمار فجعل المقداد بن السود في وجهة التراب وقال :(( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثى في وجوه المداحين التراب) لما في الممدحة من قطع الطريق على السالك إلى الله ، وضياع جهده وعمله ، ولو فطن لعلم أنه على شفا جرف هار بذلك. جاء عن عبد الرحمن بن أبى بكر عن أبيه قال : مدح رجل رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ويحك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك) مرارا ( إذا كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل : أحسب فلانا والله حسيبه ولا ـزكى على الله أحدا أحسبه إن كان يعلم ذلك كذا وكذا) وليتنا نتقيد عند هذا الحد ونلتزم ضوابط الشرع.