11 سبتمبر 2025
تسجيلالعالم قرية صغيرة وما يحدث في أقصى الشرق يتأثر به أقصى الغرب، وأصبحنا نعيش الأحداث العالمية الفردية والجماعية أولاً بأول. لقد تابعت على سبيل المثال الأسبوع الماضي على الشاشات الإخبارية حادثة الفتى الصربي ذي الأربعة عشر عاما، الطالب الذي أطلق النار على ثمانية أشخاص وحارس أمن والمعلم، وكان السبب تنمر زملائه المستمر عليه. يقال إنه اشتكى عدة مرات إلى معلميه من تكرار التنمر عليه من زملائه ولم تهتم إدارته بكل شكواه، والغريب أن كاميرات المراقبة أظهرت التنمر الذي يتعرض له وبعد ذلك وبمسدس والده أنهى حياتهم ومن مسافة قريبة مع الأسف الشديد. نحن اليوم نعيش في عالم مفتوح ومن السهل معرفة ما يحصل في أي بقعة في العالم ويعتبر التنمر من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات بمختلف أديانها وأجناسها وقد نلاحظها لدى مختلف الأعمار وفي كل مكان في المنزل والمدرسة والعمل. والتنمر ظاهرة عدائية ووسيلة لتفريغ الغضب، والمتنمر شخص يعاني من حالة من النقص وبالتأكيد أنه يعاني من عدم الثقة، ولكن يسعى لجذب الانتباه وإظهار قوته المزيفة لمن حوله، وإخفاء ضعفه بالهجوم على الأشخاص الذين هم أفضل منه. إن من أهم ما يميز الشخص المُتنمر هو حب السيطرة والغيرة من نجاح وتفوق الآخرين عليه. قد يشمل التنمر الضرب والاعتداء، الاستهزاء والضحك والتقليل من شأن الشخص. وقد يكون التنمر بصورة غير مباشرة عن طريق نشر الإشاعات الكاذبة وتشويه السمعة. بلا شك فإن التنمر يشمل عدة أنواع منها العلاقات والنفسي واللفظي والجسدي، والمدرسي، والأسري، والاجتماعي. التنمر الإلكتروني شائع جدا في وسائل التواصل الاجتماعي فالمشاهير يعانون منه وأيضا الأفراد سواء رجالا كانوا أم نساء والسبب الرئيسي هو جذب الانتباه أو التأثير على الشخص المتَنمَّر عليه نفسيا أو اجتماعيا. من المعروف أن التنمر في الإسلام مرفوض تماما وقد وردت الكثير من الآيات التي تمنع السخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب ولا فضل ولا تمييز إلا بالتقوى. بالرغم من أن ديننا الإسلامي وضع حدود التعامل مع كل فئات المجتمع من حولنا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هَجَر ما نهى الله عنه)). من المعروف أن التنمر له آثار كثيرة منها انخفاض احترام الذات والتوتر، والإجهاد النفسي والكثير من المشاكل الصحية من الضروري دعم الأسرة وتعزيز ثقة المتعرض تقديم العلاج والتربية السليمة. أعراض التنمر الخوف والقلق والاكتئاب، فقدان الشهية والهروب من الواقع، تراجع الاهتمام، الإشكالية أن ضعف الفرد قد يسمح للآخرين بالاستمرار بالتنمر وزيادة المتنمرين عليه وبشكل عام قد يكون السبب في الأسرة ناتجا عن انعدام الثقة بالذات فبات ضعيفا جدا لا يستطيع المواجهة. السؤال الأهم كيف نحمي أطفالنا وأهلنا من التنمر؟ الأسرة والوالدان تحديدا لهما دور أساسي في تنمية شخصية الأطفال وزرع الثقة بأنفسهم ونشر الوعي بينهم، بالإضافة لذلك التعامل مع شكاوى الأطفال بجدية، والحد من هجوم المتنمر، والأخذ بالاعتبار شكوى الطلاب الذين يتعرضون للتنمر. قد يكون هناك نوع من التنمر في العمل بين الموظفين بعضهم بعضا أو المدير ومرؤوسيه وهذا النوع قد ينتج عن عدم معرفة حقوق وواجبات الموظف ووضع الحدود للأشخاص. مهما كان اختلاف وجهات النظر فإن ذلك ليس سببا في التنمر على الآخرين والتسبب في أذاهم، بل يجب على كل المجتمعات إيجاد الحلول الممكنة، وبث القيم والأخلاق الحسنة بين الأجيال والتوعية بأخطار التنمر. بالنهاية ظاهرة التنمر مرفوضة جملة وتفصيلا من أي شخص كان، ويجب محاسبة المتنمرين وردعهم سواء خلف شاشات الهواتف أو الذين يعيشون بيننا... وقد آن الأوان لمعالجة هذه المشكلة التي تنمو بين ظهرانينا دون أن ننتبه دائما للأسف حتى لا يقع الفأس بالرأس.. كل هذا وبيني وبينكم.