17 سبتمبر 2025

تسجيل

قراءة مختلفة لسيناريو الصراعات

17 مايو 2016

أصعب ما يمكن أن يواجهه المرء هو الصراع الذي يجدر به خوضه مع ذاته، التي تُنصفه في الكثير من المحطات وتقف إلى جانبه دون أن تخذله، وتُنصت إليه، وتعيش معه كل اللحظات التي تمر عليه أياً كان شكلها؛ لتبدو الحياة معها هينة لينة، غير أنها لا تظل على حالها متى خُلق الصراع، الذي يشتعل كنتيجة حتمية لاختلاف الأهواء والميول، ويجعلها تفر من صاحبها، وتسير في اتجاه آخر لا ولن يُرضي الطرف الآخر، الذي سيتشبث بموقفه لاعتقاده بأنه على حق، كما هو الحال معها وهي من تحسب بأنها على حق يسمح لها بأن تُطالب بما تريده كما تريد، والحق أن الوقوع بينهما سيكون أكثر صعوبة من تلك المواجهة وذلك؛ لأن من سيعلق بينهما سيسير خلف الأول للحظة ثم سيعود أدراجه؛ كي يُغير اتجاه سيره ويلحق بالثانية التي وبمجرد أن يفرغ منها حتى يعود إلى ما كان عليه، الأمر الذي سيجعله تائهاً وبخطوات مبعثرة لن تأخذه إلى أي مكان خارج حدود ذاك الصراع، الذي لن ينتهي؛ لتنتهي من بعده حالة الضياع تلك حتى يتصالح المرء مع ذاته، ويتوصل لحل متى حل تلك العقدة فإن الأمور ستعود إلى صوابها؛ لتصبح بوضع أفضل مما سبق لها وأن كانت عليه. النهاية هي ضالة كل بداية ستخرج في أثرها حتى تجدها، وبما أن الأمر كذلك فلاشك بأننا لن نستغرب الوضع حين نبحث عن حل يحل أي صراع نخوضه، ولكن ما يمكن بأن نستغربه هو إصرار بعض الأفراد على تجنب رؤية الحقيقة التي تحمل في جوفها الحلول الناجعة؛ لإنهاء الوضع المأساوي الذي يشغل بالهم أياً كان نوعه (وهو ما لا يهم)، فما يهم فعلاً هو تأثر حياتهم به بشكلٍ جلي، وإدراكهم لحجم ما يحدث لهم، دون أن يتقدموا بمحاولات تُساعدهم على تجاوز ما يمرون به على الرغم من أن الأمر لا يحتاج منهم سوى بذل محاولة جادة حادة تقطع رقبة ذاك الصراع القائم بينهم؛ كي يموت ويعيش من بعده كل من يريدها الحياة دونها الصراعات، التي لا تحتاج لمن ينغمس فيها؛ كي يتورط فحسب، ولكن من يفكر فيها جيداً حتى يخرج بجديد لربما لم يلتفت إليه من قبل، فهو الهدف الأساسي منها، الذي يجدر بنا جميعاً الالتفات إليه، فالصراعات تكشف المعادن، وتظهر ما بالأعماق، وبها ومن خلالها يستطيع المرء التعرف على جوانب لربما لم يدركها من قبل، ولم يجد الفرصة المناسبة؛ كي يفعل؛ ليتجدد ويُجدد كل ما فيه، ولكن تأتي تلك الصراعات وتكون؛ كي تحقق كل ذلك، فيتسنى لكل من لم يُكتب له التعرف على طبيعة ما يتمتع به فرصة التعرف ومن ثم الاعتراف بجيد ما فيه ويكون منه، وهو المُراد الذي نطمح إليه ونرغب به دون شك، وإلا فما هي الفائدة من سيناريو الصراعات المتكررة التي ننام ونفيق عليها؟وقع الصراعات علينا وما تُحدثه من شرخ بين المرء وذاته هو (ذاته)، والاختلاف الحقيقي الذي يقع منها (تلك الصراعات) هو ما يكون في المعالجة التي تكون ومن بعد، وتختلف في كل مرة بحسب الجديد الذي يطرأ على صفحة الحياة، ومن ثم التطورات التي تُرسم على ظهرها، والحق أن التفكير وبشكلٍ جدي في المعالجة هو ما يهم فعلاً؛ لأنها ستُحقق لنا الهدف الذي تحدثنا عنه آنفاً، إضافة إلى أنها ستزيد من قوتنا، وستجعلنا أكثر صلابة وقدرة على مواجهة الحياة بكل ما فيها من ظروف تظهر؛ كي تختبرنا من جهة، وتُقيم القدرات التي نتحلى بها من جهة أخرى، وهو ما يعني أن كل واحد منا بحاجة إليها تلك الصراعات التي تُقلبنا؛ كي تُظهر ما بالأعماق إلى السطح حيث تكون الحقيقة التي ينتظرها البقية، ويجدر بنا الخروج في أثرها من هذه اللحظة، وحتى يكون لنا ما نريد نسأل الله التوفيق للجميع (اللهم آمين).