03 أكتوبر 2025
تسجيللم تحقق دول مجلس التعاون الخليجي مع بعض الاستثناءات أداء متميزا على مؤشر التنمية البشرية للعام 2012. فقد حلت قطر في المرتبة 36 دوليا أي الأفضل وتلتها كل من الإمارات والبحرين والكويت والسعودية وعمان في 41، 48، 54، 57 و84 على التوالي. وكان لافتا صدور التقرير متأخرا حيث تم نشره قبل أيام فقط. وهذا يعني عدم صدور أي تقرير في نفس المجال في العام 2012 ما يعد سابقة. عدى ذلك، يتمتع التقرير السنوي بسمعة عالية نظرا لجهة الإصدار وتحديدا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي هو جزء من منظومة الأمم المتحدة. كما يتميز التقرير باعتماده على ثلاثة معايير وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين إضافة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى هذا الأساس يتميز تقرير التنمية البشرية بعدم اعتماده على متغير واحد فقط مثل متوسط دخل الفرد. وهذا يعني بأنه لا يكفي أن يكون أي بلد متقدما على معيار واحد مثل متوسط الدخل على حساب المعايير الأخرى لتحقيق نتائج متقدمة على مؤشر التنمية البشرية. بنظرة تفصيلية صنف التقرير قطر والإمارات ضمن خانة الدول ذات التنمية البشرية العالية جدا وعدد هذه الدول 47 بلدا. لا تتضمن خانة الدول ذات التنمية البشرية العالية جدا أي دولة عربية أو إسلامية أخرى ما يعني سيطرة دول مجلس التعاون الخليجي على محور التنمية البشرية. من جملة الأمور السلبية، خسرت البحرين موقعها ضمن القائمة الخاصة بسبب خسارتها 6 مراتب في غضون سنة واحدة حيث حلت في المرتبة رقم 48 دوليا. وهذا يعني تواجد البحرين على رأس قائمة الدول المصنفة بذات التنمية البشرية العالية، حيث تضم هذه الفئة كلا من الكويت والسعودية وعمان. ليس من الخطأ ربط جانب من تراجع ترتيب البحرين للأزمة السياسية التي اندلعت في فبراير 2011. لكن ما يبعث على الأمل هو القدرة على إيجاد حلول للتحديات التي تواجه البلاد بالنظر لبدء حوار وطني في شهر فبراير من العام الجاري تزامنا مع الذكرى الثانية لاندلاع الأحداث. الأداء النوعي كان من نصيب قطر فيما يخص ترتيبها الدولي حيث حلت في المرتبة 36 من بين نحو 190 بلدا مشمولا في التقرير. كما حمل التقرير الأخير مفاجأة أخرى من قبيل حلول الكويت في المرتبة رقم 57 على مؤشر التنمية البشرية على حساب السعودية كرابع أفضل بلد خليجي في هذا المجال بعد قطر والإمارات والبحرين لكن قبل كل من السعودية وعمان. وجاء التحسن الكويتي على خلفية تعزيز مستوى دخل الفرد كنتيجة مباشرة لبقاء أسعار النفط مرتفعة وما لذلك من تأثير على عوائد الخزانة وبالتالي النفقات العامة. ويلاحظ في هذا الصدد تفاوت أداء دول مجلس التعاون بالنسبة لبعض الإحصاءات الحيوية المستخدمة في المؤشر. فقد كشف التقرير عن حلول قطر في المركز الأول بلا منازع دوليا فيما يخص متوسط دخل الفرد مما يعد مكسبا للمكانة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي على مستوى العالم. وقد زاد متوسط دخل الفرد في قطر عن 87 ألف دولار في السنة. في المقابل، حلت إمارة ليشخستان في المرتبة الثانية دوليا بمتوسط دخل يقل عن 85 ألف دولار للفرد الواحد. كما حققت قطر أفضل متوسط للعمر بين دول مجلس التعاون وتحديدا 78.5 سنة. تقليديا، تتمتع اليابان بأعلى متوسط للعمر في التقرير الأخير. يعكس تقدم قطر في هذا المعيار على حساب دول خليجية أخرى الاستثمار المتواصل في مجال الخدمات الصحية. وكانت قطر قد استثمرت بشكل نوعي لتطوير الخدمات الصحية في إطار الدوحة لاستضافة الألعاب الآسيوية للعام 2006. وليس من الخطأ توقع استمرار قطر بتعزيز الاستثمار في صناعة الخدمات الصحية في إطار استعداداتها لاستضافة كأس العام 2022. يقتضي الصواب تعزيز النفقات على الصحة والتعليم فضلا عن مختلف القطاعات الاقتصادية وذلك على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة وانعكاس ذلك على إيرادات الخزانة العامة وبالتالي إمكانية الصرف. على سبيل المثال، حققت موازنة السعودية للسنة المالية 2012 فائضا قدره 103 مليارات دولار على خلفية ارتفاع إيرادات الخزانة العامة بواقع 143 مليار دولار وصولا إلى 330 مليار دولار أي الأكبر على الإطلاق في تاريخ المالية العامة في المملكة.