13 سبتمبر 2025

تسجيل

هل ما تمثله الدراما يمثلنا؟

17 أبريل 2024

لا شك أن الدراما التلفزيونية تعتبر ظاهرة ثقافية واجتماعية راسخة في حياتنا الاجتماعية، ولها تأثير عميق على أفراد المجتمع، وينعكس على سلوكياتهم ومعتقداتهم وقيمهم وتلامس مشاعرهم وتثير أفكارهم. وقد تطورت الدراما عبر الزمن من خلال أجيال متعاقبة الى أن وصلت اليوم لتواكب التغيرات التكنولوجية والثقافية لكل مجتمع. وها هي الدراما إحدى الوسائل الإعلامية المهمة اليوم، وذلك لدورها المؤثر في المجتمع من ناحية ابرازها لسلبيات أي مجتمع أو إصلاحها. ولكن اليوم فقد ذلك الدور محله في ظل الدراما التي ما عادت تشبه مجتمعاتنا ولا تمثلها لا من قريب ولا من بعيد. وبطبيعة الحال فإن للدراما التلفزيونية تأثيرًا كبيرًا على الأفراد والمجتمعات، وهي تعد سلاحا ذا حدين. فمن ناحية، تساهم في نشر الوعي والتثقيف وتعزيز القيم الإيجابية. ومن ناحية أخرى، قد تروج للعنف والسلوكيات الخاطئة وتؤثر سلبا على الصحة النفسية. وتعتمد الكثير من القنوات التلفزيونية والمنصات على عرض مسلسلاتها في شهر رمضان، لأنه موسم لكثير من المسلسلات الخليجية والعربية لعدة أسباب على سبيل المثال منها الإعلانات، وعدد الحلقات الذي يصل الى ثلاثين حلقة. يلاحظ في بعض الأعمال الدرامية التي عرضت أنها تكاد تخلو من المحتوى الجيد، بالإضافة الى أن كثيرا منها عبارة عن مشاهد من التمثيل السطحي ضعيف الأداء، كما أنها عبارة عن قص ولصق، كما قد يرد البعض أن هذه الأعمال التلفزيونية تعبر عن ظواهر في المجتمع، ولكن في الحقيقة هي لا تمت للمجتمع بصلة. إنما طرح الكثير من أفكار الشاذة والدخيلة على مجتمعاتنا ولا تمثلنا، ومحاولة المبالغة في نشر الأفكار السلبية المؤثرة على بيئة المجتمع، أضف لذلك ضعف الحبكة الدرامية والشخصيات. لا يعني ارتفاع المشاهدات أن المسلسل ناجح، ولا تعني الضجة التي تسبب بها المسلسل مقياسا للنجاح. على العكس من ذلك تعاني بعض المسلسلات الخليجية من ضعف في السيناريو والإخراج، والسمة البارزة فيها هي تكرار مشاهد الانحراف والخيانة الجريمة والعنف والمخدرات والقتل والتمرد. ولا تتعدى الأدوار المشاهد في تعزيز الصور النمطية المعتادة، كصورة الرجل ذي العلاقات المتعددة، والشاب الذي يهتم بعلاقاته مع الفتيات. وغير ذلك من الأدوار التي تتناقض مع قيم وثوابت المجتمع التي استهلكت بسبب تكرارها. بعض الاعمال الدرامية مليئة بالسلوكيات الخاطئة، واللغة غير اللائقة التي حتى لا تستطيع كأسرة مشاهدة المسلسل معا. نتفق مع جرأة الفكرة وليس ابراز الانحرافات الغريزية. شتان بين المبالغة والاسفاف في جودة العرض والمحتوى والقيمة الفنية، أضف لذلك الأثر السلبي على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين خاصة من ناحية تقليد البطل الممثل. اليوم ليست القناة التلفزيونية هي من تعرض هذه المسلسلات انما هناك منصات مختلفة تعرض آراءها الشخصية، وتبث رسائلها من خلالها وحرية المشاهدة مطلقة. أضحت هذه المسلسلات تمثل إساءة بالغة التأثير على معتقدات وعادات المجتمع. كما أن لها تأثيرا عميقا على الأسرة ونظرة المجتمع تجاهها، خاصة على الأطفال والمراهقين. الحرية المطلقة للمشاهدة متوفرة، ولكن المسؤولية في التعامل مع الدراما التلفزيونية مطلوبة منا جميعا صغارا وكبارا، والوعي بمسؤولية الفرد تجاه المجتمع. ان التنوع الدرامي مهم جدا في الإنتاج، وتعدد الإخراج، والكتاب، والممثلين. كما يجب التأكيد على أن هناك أعمالا قدمت محتوى هادفا متميزا. لا شك أن الدراما مهمة جدا ولها دور أساسي، ولكن المحتوى أهم، ولابد علينا كمشاهدين أن نكون واعين جدا لما يعرض على الشاشة، ولكن الأهم هو الوعي بخصوصية المجتمع، وأنه لا يعني دائما انعكاسا حقيقيا لصورة المجتمع. كل هذا بيني وبينكم.