19 سبتمبر 2025

تسجيل

تداعيات الإصلاحات الاقتصادية في الكويت

17 أبريل 2016

يعكس التهديد بتنفيذ إضراب في شركات النفط والغاز والبتروكيماويات في الكويت جانبا من الكلفة المرتبطة ببعض الخيارات الاقتصادية الصعبة، وسواء نفذ أم لم ينفذ الإضراب أو تم تأجيله فالحديث عن خفض الأجور والمزايا للعاملين في القطاع النفطي بات واقعا وإن كان مرا.المرجح بقاء الأسباب الكامنة وراء الدعوة للإضراب في قطاع النفط الحيوي على الأقل في البيئة الحالية المتمثلة بانخفاض أسعار النفط وبالتالي حاجة السلطات للتكيف مع هذا التحدي.ويمكن تفهم رغبة السلطات بترشيد الإنفاق في الشركات المملوكة للدولة في إطار إصلاحات اقتصادية أوسع نطاقا وذلك من أجل التعامل مع ظاهرة من انخفاض أسعار النفط منذ صيف 2014 أو 22 شهرا.حقيقة القول، تتجلى الآثار السلبية لهبوط أسعار النفط في الإحصاءات المرتبطة بالسنة المالية 17/2016 والتي بدأت في شهر أبريل وتستمر حتى نهاية مارس 2017.فقد تم إعداد الموازنة الجديدة بإيرادات ونفقات قدرها 24.4 مليار دولار و62.2 مليار دولار على التوالي. بل يفوق حجم العجز المتوقع عن 40 مليار دولار وذلك بعد تخصيص مبلغ يرتبط بحساب لصالح الأجيال القادمة. تتميز الكويت بتحويل جانب من العوائد النفطية وبصورة سنوية في حساب خاص لضمان عدم تمتع جيل معين بثروات البلاد على حساب أجيال أخرى.ويترجم هذا إلى أن العجز المتوقع يشكل 64 في المائة من مجموع النفقات وهي نسبة مرتفعة. بشكل أكثر دقة، تغطي الإيرادات فقط 71 في المائة من رواتب القطاع العام والمؤسسات الحكومية والتي تبلغ 34 مليار دولار.يعتمد الاقتصاد الكويتي بشكل نوعي على القطاع النفطي والذي بدوره يمثل 90 بالمائة من عائدات التصدير و80 بالمائة من إيرادات الخزانة العامة وأكثر من 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. تؤكد هذه الإحصاءات بأن الاقتصاد الكويتي يعد الأكثر اعتمادا على القطاع النفطي بين دول مجلس التعاون فيما يخص الرفاه الاقتصادي. وكما هو الحال مع بقية دول المنطقة، فقد تراجعت الأهمية النسبية للقطاع النفطي وذلك في أعقاب انخفاض وبقاء أسعار النفط منخفضة لفترة زمنية.مؤكدا، يعتبر التوظيف في شركات النفط والغاز والبتروكيماويات محل ترحاب المواطنين الكويتيين نظرا للرواتب والمزايا المجزية مثل التأمين، ولذلك يقوض تخفيض الأجور والفوائد جوهر العمل في هذا القطاع الحيوي، يشار إلى أن قرابة 90 بالمائة من المواطنين الكويتيين المرتبطين بالقوى العاملة يعملون في الدوائر الرسمية والشركات المملوكة للدولة وهي نسبة مرتفعة حتى بمقاييس المنظومة الخليجية. التحدي الآخر محل اهتمام صناع القرار والمرتبط بالمالية العامة عبارة عن الدعم، فقد بلغت قيمة الدعم قرابة 18 مليار دولا في السنة المالية 16/2015، بل إن دعم قطاع الطاقة وحده شكل قرابة 7 بالمائة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، مستوى الدعم المتوقع لعام 2016 انخفض إلى 9.5 مليار دولار لكنه يبقى ضخما عبر تشكيله 15 بالمائة من حجم الموازنة المعتمدة للسنة المالية الحالية.بالنظر للأمام، ليس من المستبعد حصول المزيد من الضغوط للمشاركة العامة في تحمل أعباء المالية العامة، فهناك مقترح تطبيق ضريبة القيمة المضافة في إطار توجه خليجي، وربما تكون بعض الدول أسرع من غيرها مثل الإمارات والتي أعلنت عن تطبيق الضريبة بداية 2018.مهما يكن من أمر، باتت المشاركة في تحمل أعباء المالية العامة واقعا جديدا في دول مجلس التعاون الخليجي والكويت ليست استثناء، لكن التميز الكويتي يتضمن التهديد بتنفيذ إضرابات وبالتالي توسيع نطاق التداعيات لقطاعات أخرى.