18 سبتمبر 2025

تسجيل

مجتمعات متساوية

17 مارس 2024

منذ أن أتى الإسلام برسالة حملها الرسول الكريم محمد صلى الله وسلم نادى بالمساواة بين الناس وقد ورد ذلك في أكثر من آية قرآنية وحديث نبوي، كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم الأسباب التي من أجلها جعل الناس مختلفين ومن أصول عدة وبألوان وأشكال متعددة، ولكنه أوصى أيضاً بالمساواة بين الناس مهما اختلفوا في الأصول أو الأعراق أو الجنسيات أو الألوان وغيره، فهو عز وجل يراهم متساوين فمن يكون البشر حتى يُفْرَق بين الناس! وظهرت قوانين وضعية لحماية حقوق الإنسان وتضمنت كل ما له علاقة بحرية الإنسان وساوت في الحقوق ورفضت التمييز بسبب اللون أو العرق أو الجنس وتجتمع المنظمات العالمية دوماً لتؤكد على حفظ حقوق الإنسان أين ما كان وفي كل بقعة، وتُدلي ببيانات وتصريحات ومعاهدات الكثير منها يظل على الورق فقط، ولو تأملنا الواقع لرأينا العجب في التمييز العنصري في كل العالم، فكثير من الشعوب تنبذ الشعوب الأخرى وتنظر لها بنظرة دونية، كما أن الشعب الواحد ينقسم بحكم الطبيعة إلى عدة فئات حسب الدين أو المذهب وحسب الانتماء العائلي وحسب النوع، فما زالت النساء في العالم تعاني من تمييز ونظرة بأنها أقل من الرجل مهما تقدمت ومهما نادت الدولة والحكومات بتمكينها وهذه النظرة مجتمعية ويصعب تغييرها في كل العقول، ناهيك عن التمييز الطبقي بين الأغنياء والطبقة المتوسطة والفقراء، وكلنا يعرف التمييز الديني والعرقي الذي يعاني منه المسلمون في الدول الغربية والصورة النمطية المرتبطة بالإرهاب التي طبعت بهم دون استثناء، فنظرات الاستغراب وأحياناً الاستحقار تلاحق المسلمين وتجعل المسؤولين يقصونهم من أعمالهم أو لا يوظفونهم أصلاً، وفي أكثر الدول تحضرا ومناداة بالحرية والمساواة تجد أن حتى رئيس الدولة يتعامل بتمييز عنصري ضارباً بكل معاهدات حقوق الإنسان عرض الحائط! ورغم أن العالم يحتفل كل عام في الـ 21 من مارس باليوم العالمي ضد التمييز العنصري إلا أن ذلك موجود ونراه في مواقف كثيرة، بل في عصرنا الحالي ربما أصبح أكثر وضوحاً، وحتى في عالمنا الإسلامي وتحديداً العربي والخليجي فمعظم الناس لا تتعامل على أساس الأخلاق ولا على أساس الثقافة ولا الخبرات بل تضع الأصل والفصل واللون والانتماء القبلي أولاً في التعاملات، بل تصل ببعض الشعوب العربية أن تسخر من فئات في مجتمعها أو من الشعوب المجاورة لها، وعليه فإن التمييز في ازدياد رغم كل التحذيرات من نبذه ليحل الاحترام والتعايش والتسامح بين الشعوب ولكي لا يؤثر على نهضة الدولة، فالتفرقة بين أفراد الشعب الواحد تولد حقدا دفينا وأنانية منبوذة تؤثر على تطور الدولة، وهذا لا علاقة له بالتوطين، فأن يعيش المواطن مرفّها مختلفا عن أن يتم معاملته بعنصرية حسب قبيلته أو لونه أو إذا ما كان أنثى أو رجلا! وأعتقد للقضاء على هذا التمييز العنصري يجب أن تتربى الأجيال على حب الجميع والمساواة وأن لا تنبذ فئة أو تستصغرها على حساب فئة أخرى، وأن تُدرس مواد وقوانين حقوق الإنسان في المرحلة الابتدائية ويتم ربط بنودها بتعاليم الدين الإسلامي، ويفترض أن يُطبق ذلك عالمياً بحيث ينشأ جيل جديد متحاب، لا ينظر لأي فئة مختلفة عنه بأنها أقل منه أو أسوأ منه وأن لا تتعالى الأنانية في حب الذات ونبذ الآخرين بطريقة مرضية تسيء للشخص ولمجتمعه وشعبه! * رغم احتفال العالم باليوم العالمي ضد التمييز العنصري، إلا أن بعض الدول العظمى تتبنى فكرة العنصرية وتحرم بعض الجنسيات أو تضيق على المسلمين الدخول لبلادهم رغم أن الحرية تنبع من قوانين المنظمات الحقوقية والمدنية لديهم.