10 سبتمبر 2025

تسجيل

ربيعة الكواري الأخ والصديق والزميل

17 مارس 2024

كان من المفروض أن اكتب بأن أخي العزيز الأستاذ الدكتور ربيعة بن صباح الكواري تم اختياره وبإجماع نائباً لرئيس المركز القطري للصحافة. هذا ما كنت انوي عليه، وفاتحت أخي الأستاذ « صادق محمد العماري « مدير المركز القطري للصحافة لأخذ رأيه قبل طرحه أمام الزملاء أعضاء مجلس إدارة المركز في الاجتماع القادم، فوجدته مثنياً على هذا الاختيار مؤكداً على استحقاق الدكتور ربيعة على هذا المنصب وجدارته به لما له من باع طويل في ميدان الصحافة القطرية وتاريخها، وما قدمه طوال مشواره في هذا الميدان. * * * اتصلت بأخي الدكتور ربيعة يوم ٤ مارس الماضي، كان مقرراً أن نعقد اجتماع لجنة تدوين تاريخ الصحافة القطرية يوم ٥ مارس كما هو مجدول لها، ولكنه طلب مني أن نؤجل الاجتماع لما بعد العيد حتى نفسح مزيداً من الوقت لباقي الزملاء لتقديم مرئياتهم وما توصلوا إليه من معلومات تفيدنا في هذا المجال، خاصة وأن هذا التدوين يحتاج منا لجهد مضاعف. مرت الأيام سريعة، حتى جاءني نبأ تعرضه لوعكة صحية تطلبت نقله للمستشفى، فقمت بالاتصال بابنه صباح والذي لمست من صوته خطورة إصابته موصياً بالدعاء له، وما هي إلا سويعات حتى يأتي الناعي لينعي وفاته. * * * عرفت الدكتور ربيعة منذ سنوات طويلة، منذ أيام مجلة الصقر، فقد كان وقتها في ريعان شبابه وطالباً في الجامعة، كانت تمتلكه الرغبة في العمل الصحفي، وهذا ما تم له فدخل عالمها كواحد من الشباب الواعد والذي يتدفق حماساً وحباً لها، فقرر التخصص في مجال الإعلام خلال دراسته الجامعية، ثم ليواصل رحلة العمل في هذا المجال استاذاً وكاتباً. وبينهما اذكر في عام ١٩٨٧ م عندما طُلب مني العمل كرئيس لتحرير جريدة « الخليج اليوم «، طلبت من أخي ربيعة أن يرافقني في هذه الرحلة، فوافق فكان نائباً لرئيس التحرير، واجتمعت معه فقال لي: ما العمل الآن ؟ قلت سوف اتقدم بطلب لإيقاف الجريدة عن الصدور، وأرغب في إعادة إصدارها باسم جديد، أريد أن ينسى الناس الجريدة القديمة، وأن ينتظروا الجديدة، فوافقني على ذلك وقال لابد أن نختار الاسم اللائق بها، فكان أن وافقني على اسم « الشرق «، فكان ميلاد الجريدة يوم ٣ سبتمبر ١٩٨٧ م، وهو اليوم الذي يصادف توقيع قطر على اتفاقية انهاء الحماية البريطانية، وإعلان دولة قطر دولة ذات سيادة مستقلة. وبالفعل صدرت الشرق في نفس الموعد وبشكل وبروح صحفية جديدة، ودب الحماس بين أسرة تحريرها، فقد تعمدت في البدء أن يكون الإصدار اسبوعيا لنتعرف على أوجه النقص لنتلافاه في الإصدار اليومي، وهذا ما كان. كان ربيعة بن صباح أحد العناصر المهمة في تلك المرحلة، كان الذراع الأيمن الذي اعتمدت عليه في الجريدة، كان يملك روح الطيبة وحسن التعامل مع زملائه، عرف بخلقه الرفيع ونفسه الطيبة وقلمه السيال السلس، في رحلة رافقنا فيها الأستاذ الراحل مصطفى سند، والأستاذ حسن أبو عرفات اطال الله في عمره، وسيد حجازي رحمه الله، وغيرهم ممن كانت لهم ايادٍ بيضاء في تطور الشرق، واستمر ربيعة يكتب على صفحاتها دون توقف حتى آخر أيامه. * * * وعندما انتقلت للعمل في التلفزيون كان نعم الأخ والزميل، فقد ساهم في نجاح برنامج « من أعماق الوطن «، ناهيك على أنه كان ضيفاً في العديد من البرامج التلفزيونية يحلل ويبدي الرأي والنصح السديد. ودخل مجال التأليف فأصدر العديد من الكتب التي تتعلق بالتراث القطري مثرياً المكتبة بمثل هذه الإصدارات القيمة، والتي تدون مرحلة مهمة في تاريخ هذا الوطن، كما عرف بأنه من افضل الكتاب القطريين في سرد السيرة لرجال قطر، فقد عرفه القراء وهو يكتب عن أولئك الذين رحلوا عن الدنيا وتركوا فيها أجمل الأثر في عرفان وتقدير لما قدموه لهذا الوطن الغالي. * * * وعندما كنت أنظم الندوات الثقافية في الصالون الثقافي عندي في مجلسي الخاص، كان ربيعة احد الشخصيات التي أثرت المشهد الثقافي بطرحه الموضوعي ومناقشاته القيمة مع ضيوف الصالون، مما اكسب الحوار قيمة وثراء. * * * إنها رحلة زمالة طويلة مليئة بالذكريات والتي لا يمكن لي أن انساها، وستبقى معي طول العمر، ف ربيعة هو الأخ والصديق والزميل والذي عشناها اياما جميلة في دروب صحافة هذا الوطن. رحم الله أخي الغالي الدكتور ربيعة بن صباح الكواري، داعياً المولى عز وجل أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يبارك في ذريته ليكونوا خير خلف لخير سلف. «إنا لله وإنا إليه راجعون».