16 سبتمبر 2025
تسجيلأثار التعميم الصادر من وزارة التعليم والتعليم العالي رقم (13) المؤرخ في 3 مارس الماضي والموجه إلى مديري ومديرات المدارس بالدولة جدلاً واسعاً في صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، والكل يدلو بدلوه من زاويته الخاصة، سواء المتخصص القانوني أو المعلم صاحب العلاقة بالموضوع، وللخوض في هذا الموضوع لابد بداية أن نقدم كل الشكر والتقدير لوزارة التعليم والتعليم العالي لحرصها الشديد على توفير بيئة مدرسية صحية وآمنة للطلبة ومنتسبي المدارس بالدولة، وأنا لست من المعتادين على توجيه الانتقاد للوزارات والمؤسسات الحكومية والمسؤولين في هذه المؤسسات، وكلنا كنّا مسؤولين ونجلس على هذه الكراسي ويجرحنا الانتقاد مهما كان الغرض منه، وهناك طرق وأساليب لتوصيل المقترحات البناءة إلى أي جهة خدمية بالدولة يجب أن نتبعها للمصلحة العامة بدلاً من التشهير في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة. التعميم الصادر من وزارة التعليم رغم ما أثاره من جدل واسع فهو تعميم إداري داخلي لا يأخذ صفة القرار الذي يدخل مراتب التشريعات القانونية المعروفة، والغرض منه هو حث الموظف على التطعيم، وجاء في التعميم أنه لن يتم السماح بدخول أي موظف للمدرسة إلا بعد التأكد من أحد الاشتراطات الثلاثة، وهي: وجود الإطار الذهبي وختم أخذ اللقاح عند إبراز الحالة الصحية لتطبيق احتراز، أو إبراز بطاقة تطعيم كوفيد - 19، أو إحضار ما يثبت قيام الموظف بعمل فحص كوفيد - 19 بشكل أسبوعي، وهذا الإجراء يعتبر حرصاً من الوزارة الموقرة على المحافظة على أبنائنا الطلاب من التعرض لأي إصابات من هذا الوباء، وتشكر عليه الوزارة الموقرة، ولكن الجدل الواسع حول التعميم جاء في الفقرة التي تلت هذه الاشتراطات، وهو أن يتم احتساب الإجازة المرضية الممنوحة للموظف سواء المصاب بالفيروس أو تم الحجر عليه (إجازة بدون راتب). نحن مع الوزارة في البحث عن الجزاء المناسب أو العقاب بسبب إهمال الموظف أو تخلفه عن أخذ اللقاح بدون عذر مقبول، من خلال تقديمه إلى لجنة تحقيق لتتخذ بشأنه القرار المناسب، ولكن من صاغ هذا التعميم لم يوفق في تحديد الجزاء أو العقاب المناسب لإهمال الموظف حتى لا يكون هذا الجزاء مخالفاً للقانون، حيث ورد في القانون رقم 15 لسنة 2016م بشأن إصدار قانون الموارد البشرية المدنية في الفصل التاسع منه، أن الإجازة المرضية من ضمن الإجازات الممنوحة لموظف الدولة، وتحسب الإجازات المنصوص عليها في هذه المادة ضمن مدة الخدمة الفعلية للموظف، وإذا تجاوز مجموع مدد الإجازة بدون راتب سنة، فلا تحسب المدة الزائدة ضمن مدة الخدمة الفعلية للموظف، باستثناء الإجازات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون،..........)، كما نصت المادة (68) من نفس القانون أن (على الجهة الطبية المختصة أن تمنح الموظف المصاب بمرض معدٍ، حتى إذا لم يمنعه ذلك من القيام بالعمل، إجازة مرضية إلى أن يصدر تقرير منها بشفائه، كما يجب عليها إبلاغ الجهة الحكومية التابع لها الموظف بعدم السماح له بمزاولة عمله طوال هذه الفترة.......)، والقاعدة القانونية أن القانون يأتي في مرتبة أعلى من القرارات والتعميمات الإدارية، ولا يحق لأي تشريع أدنى أن يخالف التشريع الأعلى بأي حال من الأحوال. وبالتالي لا يجوز لأي تشريع قانوني أن يخالف القانون الأعلى منه، وبما أن التعميم هو أقل درجة من قانون الموارد البشرية فإنه لا يجوز له أن يخالف أي نص تشريعي في القانون حتى لو كان هذا الإجراء جزائياً أو عقابياً أو تحفيزياً أو غيره، والقاعدة القانونية تقول (العام يظل على عمومه والمطلق يظل على إطلاقه لا يخصصه أو يقيّده إلا بنص من ذات الأداة التشريعية (القانون) أو أداة تشريعية أعلى (الدستور). كسرة أخيرة كلنا نقدر أن البلاد والعالم كله يمر بحالة استثنائية وطارئة تتطلب اتخاذ قرارات طارئة وخارجة عن القانون المعمول به في الدولة، ولكن يتطلب اتخاذ أي إجراء في هذا الصدد إصدار تشريع قانوني بديل أو مؤقت، وكان الأجدى أن تصدر وزارة التعليم والتعليم العالي تعميماً أو قراراً يلزم كل موظف خالف أو أهمل في أخذ اللقاح بإحالته إلى لجنة تحقيق بعد انتهاء مدة الحجر أو مدة الشفاء من الوباء، وللجنة التحقيق أن تتخذ أي جزاء أو عقاب مناسب بعد الاستماع إلى مبررات الموظف في أسباب عدم أخذه اللقاح أو مخالفته التعليمات الصادرة في هذا الشأن. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]