14 سبتمبر 2025
تسجيلحل مشكلات المواطنين هي من الواجبات العامة والدينية، ففي الحديث الشريف يقول رسولنا الكريم – صلَّى الله عليه وسلم –: ” والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ”، وهناك أيضاً نقطة مهمة وهي أن المسؤول عندما يتسلم قيادة مؤسسة أو دائرة، سيصبح واجباً عليه فرض عين أن يعمل على حل مشكلات المواطنين والمراجعين، ففي كتابه الرائع (مشكلات في طريق الحياة الإسلامية ) يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله يقول فيه: ” إن فرض الكفاية يتحول إلى فرض عين عندما يتم توظيف شخص ما في أداء مهمة ما، ففرض عين على الطبيب أن يعالج مرضاه وأن يطور من نفسه وأن يطلع على كل ماهو جديد في مجاله حتى يتعلم أكثر ويكون سبباً في شفاء مرضاه، وفرض عين على الطالب أن يدرس ويجتهد ويتعلم من أجل تحقيق الخير له ولمجتمعه، وفرض عين على صاحب المهنة أن يتقن مهنته وأن يتعلم كل ما هو جديد في مهنته وأن يؤدي عمله بكل إخلاص وبما يرضي الله، وحق عين على المدير أن يستمع إلى المواطنين وأن يعمل على حل مشكلاتهم وأن ينقل معاناتهم إلى المسؤول الأعلى وأن يكون دائماً حاضراً في عمله. ما وراء الأبواب المغلقة للمسؤولين إن سياسة الأبواب المغلقة أصبحت من الأفكار الإدارية البالية والتي كنا نراها في الأفلام العربية القديمة، فهذه السياسة تدل على المكانة الرفيعة للمدير، فهو صاحب منصب ومهم ولا يقابل العامة حتى لا ينزل إلى مستواهم، للأسف الشديد أن نرى هذه الظاهرة رغم أن عاداتنا وتقاليدنا وديننا تمنع هذه الظاهرة السيئة، فالمدير أولاً وأخيراً في خدمة المواطنين وخدمتهم شرف وأمانة وعلى كل مدير أن يفتخر ويستمتع عندما يعمل على حل مشكلات المواطنين. ولا ننسى أن نذكر هذا المدير بأن: ” تبسمك في وجه أخيك صدقة ”، فاغتنم هذه الفرص لزيادة صدقاتك، ويتحجج بعض المسؤولين بالانشغال الدائم وعنده عمله كثير واجتماعاته متلاحقة ويرى البعض بأن استقبال المراجعين والجلوس معهم هو ضعف وعدم الثقة بالنفس، مما يجعل هؤلاء المسؤولين قابعين خلف الأبواب المغلقة، في الوقت الذي يعتبر رضا المراجعين إزاء هذه المؤسسات والأجهزة الحكومية مهما جداً وينعكس هذا على سمعة هذه المؤسسة أو الهيئة، ولابد أن يتمتع المسؤولون المكلفون في خدمة الجمهور بمستوى عال من التعليم والكفاءة في التعامل مع الجمهور، ولا نغفل بأن هناك بعض الجهات تتمتع بقدر كاف من المرونة في التعامل مع الجمهور وترفع على الدوام شعار الأبواب المفتوحة في وجه المراجعين والموظفين المرؤوسين مما يجعل هذه الجهات محل تقدير واعجاب المراجعين، وقلما تجد كل الوزارة أو المؤسسة بهذا القدر الراقي والحضاري من المعاملة، وإنما تتميز بها بعض الإدارات أو الجهات التي تقدم بعض الخدمات التي تقدمها هذه الجهة أو الوزارة. ويأتي الاختيار الدقيق للمسؤولين والقيادات لشغل هذه المناصب الحساسة في الجهات المختلفة هو العامل الأكبر في نجاح علاقة الجهة مع مراجعيها، حيث إن سياسة الباب المفتوح للمسؤولين لا يقدم عليها إلا المسؤول الذي يتمتع بكفاءة وثقة عالية في قدراته الذاتية، ويأتي ذلك بصقل هذه الكفاءات من خلال التدريب المستمر للقيادات ووضع برامج متخصصة لفن التعامل مع الجمهور، مما يثمر عن صناعة مسؤول قادر على استقبال لائق للمراجعين، والاطلاع على احتياجاتهم، والتوجيه عليها، ومتابعة ما لهم من حقوق، وسرعة تنفيذها، ومنح الجميع حقوقهم دون استثناء، والالتزام بمبادئ العدل والمساواة، وهو ما تحرص عليه أجهزة الدولة ورسالتها التي توجهها لمواطنيها وذلك بتسخير كافة الإمكانيات لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، حيث إن خدمة المراجعين والتفاعل مع احتياجاتهم ومتابعة حقوقهم المتعثرة واجب على كل مسؤول يقدّر حجم الأمانة، مع تعزيز قنوات الاتصال مع المواطنين وإنهاء معاملاتهم، ويكون لكل مسؤول وقيادي سياسة واضحة ومعروفة للجميع يعلمها جميع الموظفين ويبلغوها بالطبع للمراجعين، بأن تكون سياسة الباب المفتوح بالتدرج الوظيفي الموجود في الجهة المعنية وتكون المراجعة بشكل تدريجي في حال عجز الموظف المختص عن انهاء المعاملة ويتم توجيه المراجع بمراجعة المسؤول الأعلى منه ثم الأعلى حتى يصل إلى قمة الهرم الوظيفي في تلك الجهة الخدمية، ومن عوامل نجاح المسؤولين أن يقوم بتخصيص يوم محدد في الأسبوع لمراجعة الجمهور للاستماع إلى مشاكلهم التي تواجههم في سير انهاء خدماتهم، مما يرضي جميع الأطراف بالتقيد باليوم المحدد. كسرة أخيرة لابد أن يعلم المسؤولون القياديون خاصة في الجهات الخدمية التي تتعامل مع الجمهور بأن من أهم واجباته وأصل وجوده في هذا المنصب هو لخدمة ذلك المراجع البسيط الذي لا حول ولا قوة له في خدمة ذاته، وأن الدولة أنشأت هذه المؤسسة أو الجهة لأداء خدمة معينة للمواطنين، ولابد أن يتمتع هذا المسؤول بالأمانة وإدراكه بأنه وضع في هذا المنصب لخدمة المراجعين، وندرك تمام الإدراك بأن حجم المهام الملقاة على المسؤولين في الوزارات كبير، خاصة من يتولى منصباً قيادياً خدمياً ولكن ما الذي يمنع أن يخصص كل قيادي أو مسؤول يوماً واحداً على الأقل لاستقبال المراجعين والاستماع لشكاواهم، والاستفادة من قنوات التواصل عبر مواقع الإعلام الاجتماعي ووسائل التواصل المختلفة من خلال تخصيص حسابات أو صفحات رسمية لبعض المسؤولين أو القيادات داخل الوزارات الخدمية للتواصل مع الجمهور عبر هذه الوسائل والرد على استفساراتهم وملاحظاتهم. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]