13 أكتوبر 2025

تسجيل

عن قرصنة الكتب

17 فبراير 2014

منذ مدة قصيرة، لاحظت أن أي كتاب جديد يصدر من أي دار نشر، يتم تصويره، وينشر ككتاب رقمي أو إلكتروني، يتاح مجانا للقراء، في مواقع مفتوحة، ومعروفة، وتعلن عن ذلك بكل وضوح، من دون خوف من المحاسبة، وبالتالي يتم نقل رابط هذا الكتاب إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر، وبعدها إلى منتديات النقاش، وهكذا تكون الحصيلة، كتابا يقرأ بلا تكلفة للذين اعتادوا القراءة الإلكترونية.. وفي نفس الوقت، خسائر مادية بلا شك لدور النشر التي تولت تصميم الكتاب وطباعته، وتوزيعه في أي مكان. الأمر لا يبدو غريبا طبعا في هذا الزمن الذي أصبح فيه الارتباط بالأجهزة الرقمية، أكثر من الارتباط بأي شيء آخر في الوجود، مثل البيت والأسرة، والأصدقاء الواقعيين، فالقارئ الذي كان يسعى في الماضي لاكتساب المعرفة من طرقه المكتبات العامة، وشراء احتياجاته من الكتب، ما عاد متوفرا، وحتى لو توفر، ما عادت ثمة إمكانيات مادية تتيح له ترف اقتناء كتاب، إلا إن كان ضروريا جدا، ولأن الإنترنت انتشرت بشدة، فقد صنعت قراءها الذين ربما لا يكونون قد قرأوا ورقيا من قبل، إلا كتب المواد العلمية في المدارس، وهذه أيضا، ابتدأ دورها يتقلص بالتدريج. ولأن دور النشر تعي ذلك، وتعرف أن هناك قراء تقليديين ما زالوا يقاومون، وقراء جددا يحتلون مساحات القراءة، فقد درجت على نشر نسخ إلكترونية من الكتب وبيعها إلكترونيا، وهكذا استثمار في الناحيتين كما هو واضح. ما يحدث أن الاتجاه للقراءة المجانية، هو الذي يغلب، وبالتالي تتم سرقة هذه الكتب وتعميمها كما ذكرت، ولا أعرف كيف تنتهي هذه المسألة، وحقيقة لا أعتقد أنها ستنتهي. بالنسبة للكاتب، في الوطن العربي ليس هناك ضرر كبير، لأنه في الأصل لا يتلقى حقوقا كبيرة عن كتابه، مهما انتشر، ومهما باع عددا من النسخ، هنا لا توجد ثقافة الدفع المقدم للكاتب، أو الدفع الذي يحث على الكتابة، مثل أن تشتري دار نشر، كتابا لم يكتب بعد، من كاتب له سمعته وتاريخه وأسلوبه، وإن انتشر الكتاب إلكترونيا، فهذا يزيد من عدد القراء بلا شك، ويوسع من دائرة مناقشة الكتاب بين الأجيال الجديدة، حين يتم إنزاله مجانا، وتتم قراءته بلا تكلفة من أي نوع. لقد جربت أن أضع بنفسي كتابا مجانيا، وذلك حين أتيحت رواية لي انتهى عقدها مع الناشر الورقي، وعادت ملكيتها إلي، فقد وضعتها في موقع معروف بنشره للكتب بلا حقوق للمؤلف، وإتاحتها للقراء مجانا، وكانت النتيجة أن قراءة الرواية تضاعفت عشرات المرات، والتعليقات عليها زادت أيضا، وتساءل البعض عن ظهورها المفاجئ بعد سنوات من صدورها ورقيا، ولم تكن معروفة من ضمن أعمالي من قبل. إذن لا نؤيد قرصنة الكتب بلا وجه حق، ونشرها كأنها عمل مشروع، وفي نفس الوقت نتمنى لو عدلت أسعار الكتب، أو صدرت منها طبعات شعبية رخيصة بحيث لا يلجأ الناس لسرقتها، وإتاحتها بلا تكلفة.