01 أكتوبر 2025

تسجيل

الصناديق السيادية الخليجية مهمة للاقتصاد العالمي

17 فبراير 2013

تعتبر الثروات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي مهمة وحيوية وربما ضرورية للاقتصاد العالمي. يستند هذا الزعم لحقائق دامغة تشمل حجم القيم المالية للصناديق السيادية الخليجية من جهة ورغبة المسؤولين في الدول الست لاستثمار نسبة مؤثرة من الأموال في مختلف القطاعات الاقتصادية في كل القارات. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على استعداد الدول الخليجية مشاركة الآخرين جانب من الثروات التي تمتلكها الأمر الذي يعكس مدى تحملها لمسؤوليتها الدولية. وجاء في أحدث تقرير للمعهد الدولي لصناديق الثروة السيادية والذي يعد مرجعا لوصول القيمة المجتمعة للصناديق الخليجية رقما قياسيا قدره 1775 مليار دولار مع بداية 2013. وحسب تقرير صحفي، ارتفعت القيمة التراكمية للاستثمارات الخليجية بواقع 36 في المائة في آخر خمس سنوات فقط. لا شك يرتبط هذا التطور بشكل جوهري لاستمرار بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية غير قصيرة بل منذ خطوات مواجهة الأزمة المالية العالمية في العام 2008. وفي كل الأحوال، يكتسب هذا الرقم أهمية كبيرة كونه يشكل نحو 35 في المائة من الثروات السيادية على مستوى العالم والتي بدورها تبلغ 5200 مليار دولار. بل يلاحظ شبه سيطرة الصناديق الخليجية على الثروات السيادية التابعة لمنطقة الشرق الأوسط. وبمزيد من التمعن بلغت قيم الصناديق التابعة لدولة الإمارات 813 مليار دولار مع بداية 2013 أي 15 في المائة من مجموع الثروات الدولية ما يعد أمرا جديرا لدولة واحدة فقط. كما تتميز إمارة أبوظبي عبر امتلاك صندوق سيادي خاص بها إضافة إلى صندوقين متخصصين يعملان في مجال القطاع النفطي والتنمية على مستوى العالم. حقيقة القول، هناك صندوق سيادي واحد يتبع المتقاعدين في النرويج تزيد ثروته رويدا عن جهاز أبوظبي للاستثمار. طبعا تعكس هذه الحقيقة الأهمية التي توليها النرويج لتعزيز الإمكانات التي تخص المتقاعدين من مواطنيها وهي خطوة صائبة. لكن تزيد الثروات التي تتبع إمارة أبوظبي ما يؤهلها الحلول في المرتبة الأولى دوليا بعد إضافة ثروة كل من شركة الاستثمارات البترولية الدولية وشركة مبادلة للتنمية المتخصصتان التابعتان لأبوظبي. وقد أظهرت إمارة أبو ظبي مدى استعدادها لتوظيف جانب من قدراتها المالية لتقديم يد العون لإمارة دبي على خلفية أزمة المديونية التي جربتها في السنوات القليلة الماضية. وقد عززت هذه الخطوة من المكانة الاستثمارية بل الدرجة الائتمانية لإمارة أبو ظبي على وجه التحديد. تتمتع إمارة أبو ظبي بملاءة مالية من نوع (آي آي) بالنسبة لكل من مؤسستي (ستداندر أند بور) و(فيتش) على حد سواء. كما تقدم المؤسستان نظرة مستقبلية مستقرة لأبو ظبي وبالتالي لدولة الإمارات العربية المتحدة. ثم هناك الصناديق التابعة لبقية دول مجلس التعاون الخليجي وبعضها ضخمة بكل المقاييس على النحو التالي (السعودية (532 مليار دولار)، الكويت (296 مليار دولار)، قطر (115 مليار دولار)، البحرين (9 مليارات دولار)، عمان (8 مليارات دولار). ولا شك، تعتبر الكويت رائدة في هذا المجال حيث سبقت الدول الخمس الأخرى بتأسيسها لصندوق سيادي في العام 1953. وقد تجلى بالدليل الدامغ أهمية توافر الاحتياطي حيث وظفت الكويت جانب من إمكاناتها المالية لتمويل حرب التحرير من جهة وتقديم العون المادي للمواطنين خلال فترة الغزو والاحتلال ما بين عامي 1990 و1991. حديثا فقط رجحت مصادر صحفية أن يكون الحجم الفعلي للصناديق السيادية للكويت في حدود 400 مليار دولار بعد إضافة صندوق متخصص يخص الاحتياطي للأجيال القادمة. وحقيقة القول، تتميز الكويت ومنذ فتر زمنية بوضع جانب من الدخل النفطي السنوي لصالح الأجيال القادمة ولأسباب تستحق التقدير أي عدم السماح لجيل التنعم بخيرات البلاد على حساب الأجيال القادمة الأخرى. وفي الوقت نفسه، يعكس الحديث عن رقم آخر ضخم آخر للثروة السيادية للكويت أهمية توافر أجهزة رقابية خصوصا في المجالس التشريعية تساعد على ضمان حسن استخدام هذه الثروات. كما يجب أن يكون هناك دور للمجتمع المدني مثل تلك المهتمة بالشفافية فضلا عن وسائل الإعلام لتسليط الضوء على الأموال والتي تقدر بمليارات الدولارات. فالخطأ ممنوع بالنظر لحجم الأموال مع الأخذ بعين الاعتبار أن نفس الإنسان أمارة بالسوء وبالتالي يجب عدم السماح بتوافر فرصة سوء استخدام المال. مؤكداً بمقدور الصناديق تقليص الاعتماد على القطاع النفطي عبر تنويع مصادر الدخل بواسطة عوائد الاستثمارات. في المتوسط يسهم القطاع النفطي بنحو ثلاثة أرباع الصادرات وثلثي دخل الخزانة العامة وثلث الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي. بل ربما كانت دول الخليج أكثر اعتمادا على القطاع النفط بالنسبة لدخل الخزانة لولا العوائد المتعلقة باستثمارات الصناديق السيادية. ويلاحظ في هذا الصدد إشادة صندوق النقد لقطر باتخاذ خطوات عملية لتقليص الاعتماد على القطاع النفطي. وتشمل هذه الخطوات لتوظيف جانب من ثروة السيادي للاستثمار في صناعات وقطاعات مختلفة في مختلف بقاع العالم. وربما تتميز قطر عن سائر شقيقاتها في دول مجلس التعاون بإعلان عن حالات الاستحواذ بما في ذلك شراء متجر (هارودز) الشهير في لندن. كما لدى قطر استثمارات في القطاعات الصناعة في ألمانيا مثل شركة (سيمنز) لأسباب تشمل استقطاب المؤسسات العالمية للسوق القطرية. بل إن المصلحة متبادلة بالنظر لوجود رغبة لدى العديد من الشركات العالمة بالانفتاح على السوق القطرية في ضوء الحديث عن مشاريع ضخمة بما في ذلك فرضية إنشاء قطارات داخل البلاد وذلك في إطار استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022. في المجموع، تقدم الصناديق السيادية الخليجية أنموذجا عندما يتعلق الأمر بجعل أطراف أخرى تشاطرها خيراتها سواء فيما يخص إفساح المجال أمام العمالة الأجنبية للعمل داخل الاقتصادات المحلية أو استثمار الاحتياطيات.